إني تركت الصبا عمدا ولم أكد

إِنّي تَرَكتُ الصِبا عَمداً وَلَم أَكَدِ

مِن غَيرِ شَيبٍ وَلا عَمدٍ وَلا فَنَدِ

مَن كانَ ذا كَبِدٍ حَرّى فَقَد نَضَبَت

حَرارَهُ الحُبِّ عَن قَلبي وَعَن كَبِدي

يا رَبَّةِ الخِدرِ إِنّي قَد عَزَمتُ عَلى ال

سُلُوِّ عَنكِ وَلَم أَعزِم عَلى رَشَدِ

نَقَضتُ عَهدَ الهَوى إِذ خانَ عَهدُهُمُ

وَحُلتُ إِذ حالَ أَهلُ الصَدِّ وَالبُعُدِ

عَزَّيتُ نَفسي بِبَردِ اليَأسِ بَعدَهُمُ

وَما تَعَزَّيتُ مِن صَبرٍ وَلا جَلَدِ

إِنَّ الهَوى وَالنَوى شَيئانِ ما اِجتَمَعا

فَخَلَّيا أَحَداً يَصبو إِلى أَحَدِ

وَما ثَنى مُستَهاماً عَن صَبابَتِهِ

مِثلُ الزَماعِ وَوَخدِ العِرمِسِ الأَجَدِ

إِلى أَبي نَهشَلٍ ظَلَّت رَكائِبُنا

يَخدينَ مِن بَلَدٍ ناءٍ إِلى بَلَدِ

إِلى فَتىً مُشرِقِ الأَخلاقِ لَو سُبِكَت

أَخلاقُهُ مِن شُعاعِ الشَمسِ لَم تَزِدِ

يُمضي المَنايا دِراكاً ثُمَّ يُتبِعُها

بيضَ العَطايا وَلَم يوعِد وَلَم يَعِدِ

وَلابِسٍ ظِلَّ مالٍ لِلنَدى أَبَداً

فيهِ وَقائِعُ طَيٍّ في بَني أَسَدِ

بَنو حُمَيدٍ أُناسٌ في سُيوفِهِمُ

عِزُّ الذَليلِ وَحَتفُ الفارِسِ النَجُدِ

لَهُم عَزائِمُ رَأيٍ لَو رَمَيتَ بِها

عِندَ الهِياجِ نُجومَ اللَيلِ لَم تَقِدِ

تَحَيَّرَ الجودُ وَالإِحسانُ بَينَهُمُ

فَما يَجوزُهُمُ جودٌ إِلى أَحَدِ

لَولا فَعالُهُمُ وَاللَهُ كَرَّمَهُ

لَماتَ ذِكرُ المَعالي آخِرُ الأَبَدِ

بيضُ الوُجوهِ مَعَ الأَخلاقِ وَجدُهُمُ

بِالبَأسِ وَالجودِ وَجدُ الأُمِّ بِالوَلَدِ

مُحَمَّدَ بنُ حُمَيدٍ أَيُّ مَكرُمَةٍ

لَم تَحوِها بِيَدٍ بَيضاءَ بَعدَ يَدِ

شَمائِلٌ مِن حُمَيدٍ فيكَ بَيِّنَةٌ

لَها نَسيمُ رِياضِ الحَزنِ وَالجَلَدِ

تَبَسُّمٌ وَقُطوبٌ في نَدىً وَوَغىً

كَالبَرقِ وَالرَعدِ وَسطَ العارِضِ البَرِدِ

أَعطَيتَ حَتّى تَرَكتَ الريحَ حاسِرَةً

وَجُدتَ حَتّى كَأَنَّ الغَيثَ لَم يَجُدِ