بين الشقيقة فاللوى فالأجرع

بَينَ الشَقيقَةِ فَاللِوى فَالأَجرَعِ

دِمَنٌ حُبِسنَ عَلى الرِياحِ الأَربَعِ

فَكَأَنَّما ضَمِنَت مَعالِمُها الَّذي

ضَمِنَتهُ أَحشاءُ المُحِبِّ الموجَعِ

لَو أَنَّ أَنواءَ السَحابِ تُطيعُني

لَشَفى الرَبيعُ غَليلَ تِلكَ الأَربُعِ

ما أَحسَنَ الأَيّامَ إِلّا أَنَّها

يا صاحِبَيَّ إِذا مَضَت لَم تَرجِعِ

كانوا جَميعاً ثُمَّ فَرَّقَ بَينَهُم

بَينَ كَتَقويضِ الجَهامِ المُقلِعِ

مِن واقِفٍ في الهَجرِ لَيسَ بِواقِفٍ

وَمُوَدِّعٍ بِالبَينِ غَيرِ مُوَدِّعِ

وَوَراءَهُم صُعَداءُ أَنفاسٍ إِذا

ذَكِرَ الفِراقُ أَقَمنَ عوجَ الأَضلُعِ

أَمّا الثُغورُ فَقَد غَدَونَ عَواصِماً

لِثُغورِ رَأيٍ كَالجِبالِ الشُرَّعِ

مَدَّت وِلايَةُ يوسُفَ بنِ مُحَمَّدٍ

سوراً عَلى ذاكَ الفَضاءِ البَلقَعِ

لا يَرهَبُ الطَرَفَ البَعيدَ تَطَرُّفاً

عادَ المُضَيَّعُ وَهوَ غَيرُ مُضَيَّعِ

وَهيَ الوَديعَةُ لا يُؤَمَّلُ حِفظُها

حَتّى تَصِحَّ حَفيظَةُ المُستَودَعِ

وَأَعِنَّةُ الإِسلامِ في يَدِ حازِمٍ

قَد قادَها زَمَناً وَلَم يَتَزَعزَعِ

أَمسى يُدَبِّرُها بِهَديِ أُسامَةٍ

وَبِكَيدِ بَهرامٍ وَنَجدَةِ تُبَّعِ

فَكَفاكَ مِن شَرَفِ الرِياسَةِ أَنَّهُ

يَثني الأَعِنَّةَ كُلَّهُنَّ بِإِصبَعِ

أَدمى فِجاجَ الرومِ حَتّى ما لَها

سَيلٌ سِوى دُفَعِ الدِماءِ الهُمَّعِ

قَطَعَ القَرائِنَ وَاللِواءُ لِغَيرِهِ

بِالمَشرَفِيَّةِ حُسَّراً في الأَدرُعِ

وَلِواؤُهُ المَعقودُ يُقسِمُ في غَدٍ

أَن سَوفَ يَصنَعُ فيهِ ما لَم يُصنَعِ

صَديانَ مِن ظَمَإِ الحُقودِ لَوَ انَّهُ

يُسقى جَميعَ دِمائِهِم لَم يَنقَعِ

ماضٍ إِذا وَقَفَ المُشَهَّرُ لَم يَقِف

يَقِظٌ إِذا هَجَعَ السُها لَم يَهجَعِ

وَمُهيجُ هَيجاءٍ يُبَلِّغُ رُمحَهُ

صَفَّ العِدى وَالرُمحُ خَمسَةُ أَذرُعِ

وَيُضيءُ مِن خَلفِ السِنانِ إِذا دَجا

وَجهُ الكَمِيِّ عَلى الكَمِيِّ الأَروَعِ

بَحرٌ لِأَهلِ الثَغرِ لَيسَ بِغائِضٍ

وَسَحابُ جودٍ لَيسَ بِالمُتَقَشِّعِ

نُصِروا بِدَولَتِهِ الَّتي غَلَبوا بِها

في الجَمعِ فَانتَصَفوا بِها في المُجمَعِ

وَإِذا هُمُ قَحَطوا فَأَعشَبُ مَربَعٍ

وَإِذا هُمُ فَزِعوا فَأَقرَبُ مَفزَعِ

رَجَعوا مِنَ الشِبلِ الَّذي عَهِدوا إِلى

خَلَفٍ مِنَ اللَيثِ الضُبارِمِ مُقنَعِ

ما غابَ عَنهُم غَيرُ نُزعَةِ أَشيَبٍ

مَكسُوَّةٍ صَدَأً وَشَيبَةَ أَنزَعِ

هَذا اِبنُ ذاكَ وِلادَةً وَأُخُوَّةً

عِندَ الزَعازِعِ وَالقَنا المُتَزَعزِعِ

مُتَشابِهانِ إِذا الأُمورُ تَشابَهَت

حَزماً وَعِلماً بِالطَريقِ المَهيَعِ

عوداهُما مِن نَبعَةٍ وَثَراهُما

مِن تُربَةٍ وَصَفاهُما مِن مَقطَعِ

يا يوسُفَ بنَ أَبي سَعيدٍ لِلَّتي

يُدعى أَبوكَ لَها وَفيها فَاسمَعِ

إِلّا تَكُنهُ عَلى حَقيقَتِهِ يَغِب

عَمرٌو وَيَشهَد عاصِمُ بنُ الأَسقَعِ

وَلتَهنِكَ الآنَ الوِلايَةُ إِنَّها

طَلَبَتكَ مِن بَلَدٍ بَعيدِ المَنزَعِ

لَم تُعطِها أَمَلاً وَلَم تَشغَل بِها

فِكراً وَلَم تَسال لَها عَن مَوضِعِ

وَرَأَيتَ نَفسَكَ فَوقَها وَهيَ الَّتي

فَوقَ العَلِيِّ مِنَ الرِجالِ الأَرفَعِ

وَصَلَتكَ حينَ هَجَرتَها وَتَزَيَّنَت

بِأَغَرَّ وافي الساعِدَينِ سَمَيدَعِ

وَمَهاوِلٍ دونَ العُلا كَلَّفتَها

خُلُقاً إِذا ضَرَّ النَدى لَم يَنفَعِ

فَقَطَعتَها رَكضَ الجَوادِ وَلَو مَشى

في جانِبَيها الشَنفَرى لَم يُسرِعِ

سَعيٌ إِذا سَمِعَت رَبيعَةُ ذِكرَهُ

رَبَعَت فَلَم تَذكُر مَساعِيَ مِسمَعِ

أَعطَيتَ ما لَم يُعطِ في بَذلِ اللُهى

وَمَنَعتَ في الحُرَماتِ ما لَم يَمنَعِ

وَبَعَثتَ كَيدَكَ غازِياً في غارَةٍ

ما كانَ فيها السَيفُ غَيرَ مُشَيَّعِ

كَيدٌ كَفى الجَيشَ القِتالَ وَرَدَّهُم

بَينَ الغَنيمَةِ وَالإِيابِ المُسرِعِ

جَزِعَت لَهُ أُمُّ الصَليبِ وَمَن يَصُب

بِحَريمِهِ وَبلُ المَنِيَّةِ يَجزَعِ

أَعطَوا رَسولَكَ ما سَأَلتَ فَكَيفَ لَو

شافَهتَهُم بِصُدورِهِنَّ اللُمَّعِ

وَاستَقرَضوا مِن أَهلِ مَرعَشَ وَقعَةً

فَقَضَوكَ مِنها الضِعفَ مِمّا تَدَّعي

مِن أَيِّهِم لَم تَستَقِد وَلِأَيِّهِم

لَم تَنجَرِد وَبِأَيِّهِم لَم توقِعِ

بَل أَيَّ نَسلٍ مِنهُمُ لَم تَستَبِح

وَثَنِيَّةٍ مِن أَرضِهِم لَم تَطلُعِ