عليك السلام أيها القمر البدر

عَلَيكَ السَلامُ أَيُّها القَمَرُ البَدرُ

وَلازالَ مَعموراً بِأَيّامِكَ العُمرُ

وَداعاً لِشَهرٍ إِنَّ مِن شاسِعِ النَوى

عَلى الكَبِدِ الحَرّى إِذا اِلتَهَبَت شَهرُ

هُوَ اِسمُ فِراقٍ طالَ أَو قَصُرَ المَدى

فَلِلصَدرِ مِنهُ ما يَحِرُّ لَهُ الصَدرُ

أَنا الظالِمُ المُختارُ فَقدَكَ عالِماً

بِفَقدِ اللُهى فيهِ وَما ظَلَمَ الدَهرُ

مَلَأتُ يَدي فَاِشتَقتُ وَالشَوقُ عادَةٌ

لِكُلِّ غَريبٍ زَلَّ عَن يَدِهِ الفَقرُ

وَأَيُّ اِمرِئٍ يَشتاقُ مِن بُعدِ أَرضِهِ

إِلى أَهلِهِ حَتّى يَكونَ لَهُ وَفرُ

تَلافَيتَني في ظَمأَةٍ فَدَفَعتَني

إِلى نائِلٍ فيهِ المَخاضَةُ وَالغَمرُ

وَيَدنو قَرارُ البَحرِ طَوراً وَرُبَّما

تَباعَدَ حَتّى لا يُنالَ لَهُ قَعرُ

وَلَولاكَ ما أَسخَطتُ غُمّى وَرَوضَها

وَنَهرَ دُجَيلٍ بِالَّذي رَضِيَ الثَغرُ

وَلَكانَ غَزوُ الرومِ بَعضَ مَآرِبي

وَهَمّي وَلا مِمّا أُطالِبُهُ الأَجرُ

لِتَعلَمَ أَنَّ الوُدَّ يَجمَعُنا عَلى

صَفاءِ التَصافي قَبلَ يَجمَعُنا عَمروُ

وَإِنّي مَتى أَعدُد مَعاليكَ أَعتَدِد

بِها شَرَفاً إِذ كُلُّ فَخرِكَ لي فَخرُ

وَلَم أَرَ مِثلي ظَلَّ يَمدَحُ نَفسَهُ

وَيَأخُذُ أَجراً إِنَّ ذا عَجَبٌ بَهرُ

وَما اِختَرتُ داراً غَيرَ دارِكَ مِن قِلاً

وَأَينَ تُرى قَصدي وَمِن خَلفِيَ البَحرُ

فَإِن بِنتُ عَنكُم مُصبِحاً حَضَرَ الهَوى

وَإِن غِبتُ عَنكُم سائِراً شَهِدَ الشِعرُ

سَأَشكُرُ لا أَنّي أُجازيكَ نِعمَةً

بِأُخرى وَلَكِن كَي يُقالَ لَهُ شُكرُ

وَأَذكُرُ أَيّامي لَدَيكَ وَنِعمَتي

وَآخِرُ ما يَبقى مِنَ الذاهِبِ الذِكرُ