نعم هي الدار من يناديها

نَعَم هي الدارُ مَنْ يُنادِيهَا

وَقَدْ حَمَتْ عِنْدَ حَيّ نادِيها

أُجِلِّها في الهَوَى وأُكْرِمُهَا

أَنْ أَمْنَحَ الوُدَّ غَيْرَ نَادِيهَا

كَمْ راقني مِنْ رَبيعِ أَرْبُعِها

زَاهِرهَا بَهْجَةً وَزَاهِيها

تَهْدِي بِنَوَّارِ نَيِّرِها

سَائِر عُشَّاقِهَا وَسارِيهَا

وَكَمْ بِهَا مِنْ مَصُونةٍ صُلْنا

يَحْجبها غَيْرهَا ويَحْمِيها

نَمَّ بِهَا حُلْيها ومَبْسَمُهَا

وَطِيبُ أَنفاسِهَا وَوَانِيها

نَقَصَ صَبْرُ المُحبّ مِنْ ثَمدٍ

مَا كَحَّل الحُسْنُ مِنْ مَعانيها

رَوْضَةُ حُسْنٍ يُذيب مِنْ وَلهٍ

شادن قَلْبِ المُحبّ راعيها

وَدَوْحَةٌ لَمْ تَضُعْ رَوائِحُهَا

إِلَّا سَقَتْهَا عُيُونُ غَادِيهَا

فَمَنْ يُجِيرُ المُحِبَّ مِنْ مُقَلٍ

عَرْبَدَ نَشْوانُهَا وَصَاحِيها

وَمِنْ ثُغورٍ دَمْعي الطّليقُ بِهَا

شَقيقُ ما افْتَرَّ مِنْ أَقاحيها

وَمِنْ خدودٍ بالوردِ يانعةً

إن لاحَ جَانِيهِ حَالَ جَانيها

وَمِنْ قُدودٍ إذا انْثَنَتْ هَيَفاً

أَفْردَهَا الحسنُ في تَثنِّيها

كانَتْ تهابُ الخُدودَ أَدْمعُه

لَكِنْ عَلَيْهَا الهَوى يُجرِّيها

صَبٌّ رَعَى نَفْسَهُ الغرامُ فما

حَجَّبه دُونها تَنائِيهَا

حَيْثُ نِياقُ السُّرورِ سَاريةٌ

بِهِ وَشَرْخُ الشبابِ حادِيها

وَأَطلقَ العَيْنَ حَيْثُما سَرَحَ ال

حُسْنُ فَيَحْويه وَهْوَ يَحْويها

وَرَاحَ في الحُبِّ مِنْ تَعَشُّقها

يُسْخِطُ أَحْشاءَهُ وَيُرْضِيها

ما شابَ فَرْعٌ له فَيرْدَعُهَا

أَوْ شَانَ فَقْرٌ بِهِ فَيُثْنيها

وَالنَّفْسُ مَا كَذَّبَ البعادُ لها

ما صَدَّق القُرْبُ مِنْ أمانيها

فَلا هَجيرَ لِلْهَجْرِ يَحْذَرُهُ

كَلَّا وَلا قَسْوةً يُقاسِيها

فَيا لَهُ عَصْرُ لَذّةٍ بَعُدَتْ

مِنْهُ لَيالٍ لَوْ كَانَ يُدنِيهَا

فَدَعْ وَداعاً لأَهْلِ دارِ حِمىً

وَاغْنَ بِدُنْياك عَنْ مَغَانِيهَا

واسْتَحْلِهَا مِنْ رِضَابِ سَائِغها

وَاسْتَجْلِهَا مِنْ رِضَابِ سَاقيها

فَهيَ مُدامٌ كالتِّبْرِ إِنْ مُزِجَتْ

أَتتْ بِآلائِها لآلِيها