أبو البحار وما تحويه من سمك

أَبو البِحارِ وَما تَحويهِ مِن سَمَكٍ

يا نَهرُ أَنتَ وَمَن يُنشي الرِياحينا

وَالدَوحُ وَالطَيرُ وَالأَعطارُ تَخلُقُها

وَاللَونُ أَخرَجَتهُ يَزهو أَفانينا

تُعطي إِلى الطائِرِ الصَدّاحِ مَأكَلَهُ

مِنَ الحُبوبِ وَما تُحيي مِنَ الثَمَرِ

لِكَي يَطيرَ إِلى الآفاقِ مُنتَقِلاً

وَيَأمَنَ المَوتَ جوعاً وَهوَ في سَفَرِ

وَأَنتَ تُعطي سِماكَ البَحرِ عَن سِعَةٍ

ما تَشتَهيهِ مِنَ المَأكولِ ديدانا

تُحيي لَها العُشبَ كَي تَرعاهُ في دَعَةٍ

وَالريحُ تَنشِقُهُ روحاً وَرَيحانا

نَشَرتَ قَوسَ إِخاءَ رَمزِ نَهضَتِنا

وَكَم نَشَرتَ لَنا يا نَهرُ مِن سورِ

وَكَم نَشَرتَ خَيالاً كُلُّ جَوهَرِه

مُرَكَبٌ مِن مَزيجِ النورِ وَالثَمرِ

وَكَوثَرٌ أَنتَ لِلبَرسيمِ يَنهَلُهُ

عَذباً وَفيضٌ عَلى الأَعشابِ يُحييها

وَلِلمَراعي الَّتي فاضَت رَوائِحُها

تَمُدُّها بِرَحيقِ الماءِ تَسقيها

وَرُبَّ زَهرٍ نَما في ظِلِّهِ وَرَقٌ

مِن رِقَّةٍ كَجَناحِ الطائِرِ الشادي

وَرُبَّ قَمحٍ وَغابٍ مُزهِرٍ أَبَدا

أَحيَيتَها أَنتَ يا نَهرُ عَلى الوادي

وَكَم بَكَرتَ إِلى الطُغيانِ تَمنَحُها

مِن سَلسَلٍ راحَ يَجري في البَساتينِ

وَكَم بَعَثتَ إِلى الجَميزِ مِن مَدَدٍ

مُرَقرَقٍ سارَ مِنهُ في الشَرايينِ

وَأَنتَ خَصبٌ عَلى الجَوزاءِ نُبصِرُهُ

في غَيثِها وَهوَ يَهمي في الخَميلاتِ

تَعلو بُخارا إِلى آفاقِها صُعدا

وَتَستَحيلُ مِياهاً في السَماواتِ