بين الدجى واحمرار شقه الشفق

بَينَ الدُجى وَاِحمِرارٌ شَقَّهُ الشَفَقُ

النورُ يَرقُصُ في عَيني وَيَتَأَلَّقُ

لا هَدأَةٌ تُسعِدُ الحَيرانَ لا سَنَةٌ

تَقَرُّ عَينٌ بِها قَد شَفَّها الأَرَقُ

فَلا أَرى غَيرَ أَحلامٍ مُكَوكَبَةٍ

وَغَيرَ رَسمِ سَماءٍ باتَ يَحتَرِقُ

هذا النَهارُ خِلالَ السُحبِ يَظهَرُ لي

لَقَد لَمَحتُ عَلى الوادي بَشائِرَهُ

تَلوحُ شاحِبَةً في الشَرقِ حالِمَةً

تُوَشِّحُ السُحبُ الدَكنا ضَفائِرَهُ

وَأَنتِ نافورَةَ الحُسنِ الَّتي خَفِيَت

أَيّانَ أَلقاكِ أَو أَلقى مَصادِرَهُ

وَكانَتِ السُحبُ الغَيماءُ سارِيَةً

عَلى المُحيطِ خِفافُ الرُكبِ في سَربِ

قَد أَبدَعَت صَبغَ وَشيٍ مِن مَطارِفِها

في حُمرَةٍ عَجَبٍ في فِتنَةٍ ذَهَبِ

وَتَرقُصُ الأَنجُمُ الزَهراءُ رَقصَتَها

في مُطلَقٍ مِن أَثيرِ الجَوِّ مُلتَهِبِ

أَما الَّذي وَشَّعَ الأَمواهِ بِالنورِ

فَزَورَقٌ ناصِعُ الأَلوانِ بَلّوري

بَيناهُ في شائِبِ الأَمواجِ مُضطَرِبٌ

يَختالُ ما بَينَ تَصعيدٍ وَتَغديرِ

بَدا الدَليلُ لَهُ في اللَيلِ مُنبَهِراً

في لُؤلُؤِيٍّ مِنَ الأَنوارِ مَسحورِ

لَم يَشهَدِ الكَونُ في آزالِهِ أَبَداً

هذا الجَلالُ الَّذي يَسري على الماءِ

قَد ظَلَّ نَجمُ الدُجى سَهمانُ يَقذِفُهُ

بَأَسهُمٍ تَتَهادى مِنهُ وَضاءِ

صيغَت مِنَ اللَيلَكِ الغافي أَشِعَّتُها

فَأَصبَحَت بَينَ بَيضاءٍ وَزَرقاءِ

ذَهَلتُ في حُلمٍ غافٍ وَخُيِّلَ لي

أَنّي عَبَرتُ طَريقاً كُلَّهُ ظُلَمُ

لَم يَغِشَها مِن بَني الإِنسانِ مُقتَحِمُ

قَبلي وَما وَطِئَت أَرضاً بَها قَدَمُ

تَحِفُّ دَغلاً تُثيرُ النَفسَ وَحشَتُهُ

الصَمتُ يَحكُمُهُ وَاللَيلُ وَالأَجَمُّ

أَحسَستُ بِالقَلبِ ناراً طافَ طائِفُها

كَما رَأَيتُ عُبابَ البَحرِ قَد سَطَعا

وَقَفتُ مُنذَهِلاً أَرعاهُ مُبتَهِلاً

كَأَنَّ نورَ إِلَهٍ فَوقَهُ طَلَعا

أَحنَيتُ رَأسِيَ إِجلالاً وَتَكرِمَةَ

لَهُ وظَلتُ مِنَ التَقديسِ مُختَشِعا