طربت وما دارت علي زجاجة

طربتُ وما دارتْ عليَّ زُجاجَةٌ

ولا عَزفتْ لي بالأصيلِ المَزاهرُ

ولا رُحْتُ مَهْجوراً للَمْياء غَادةٍ

فصبَّحَني بالوصْلِ منها البشائِرُ

ولا عادَ ريْعانُ الشباب ولا ارعوى

مِراحُ الصِّبا فالجهْلُ ناهٍ وآمِر

وقال الأعادي صبوةٌ بعد كَبْرَةٍ

وأيَّ حِجاً لا تَدَّريهِ الدَّوائِرُ

ألستَ الوقور الثَّبْت والراجح الذي

تطيشُ الرَّواسي حينما أنت صابِر

وصائنَ مجد الشعر عن غزل الهوى

فلا شعْرَ إِلاَّ مَعْرَكٌ ومَساعِر

وسالبَ بأسِ الخمر حتى كأنها

صرائحُ رِسْلٍ أو من الإِدْل حاذر

لقد جارَ سُلطان الهوى بعد أمَّةٍ

وما الدَّهرُ إِلا مُستثارٌ وثائِرُ

فقلتُ صَهٍ إنَّ السرورَ بماجِدٍ

يُقِرُّ له بالفضلِ بادٍ وحاضِرُ

بمنْ تُكسب الصُّمَّ الصَّفا أريحيةً

مناقِبُهُ إنْ عُدِّدَتْ والمآثِرُ

يُعيدُ حَصى المِعْزاء باهرُ فضلهِ

نُجومَ سَماءٍ فهي زُهْرٌ سَوائر

إذا السَّلَمُ المعْضودُ قارن بأسهُ

فأضْعفهُ ماضي الغِراريْنِ باتِرُ

فلا تُنكروا فَرْط اهتزازي فإنني

بشأنِ بني العَلْياءِ والمجدِ خابِرُ

تفرَّسْتُ هذا الطِّرْفَ في عنفوانه

فقلتُ سَبوق الخيل إذْ هو فاطِرُ

فأصبح طيَّاراً إلى المجدِ دونَهُ

إذا شَدَّ عِقْبان الشُّرَيْف الكواسر

وجاء حميدَ الذكر أمَّا ضُيوفُهُ

فَقارٍ وأما جارُهُ فهو ناصِرُ

يجودُ على سُؤَّالِهِ وهو مُعْدِمٌ

ويحْلُمُ عن أعدائهِ وهو قادرُ

خشاشاً كنصل السيف في كفِّ باسلٍ

يَعُزُّ به ذِمْرٌ ويَبْهَجُ ناظِرُ

تَشكَّى عراقيبُ البَهازِرِ ضربَه

وترْهبُ حَدَّيْهِ الطُّلى والمَغافر

كأنَّ قُطاميّاً بذِرْوَةِ شامِخٍ

ملامِحُهُ القُصوى لديه حواضِر

يصُكُّ أبابيلَ البُغاثِ كأنَّهُ

عليهنَّ مَقْذوذُ الجَنابَيْن عائِرُ

أبو جعفرٍ والخطب يصْطلم الحِجا

بسَوْرتِهِ والناسُ غاوٍ وحائِرُ

وزيرُ عُلاً أما حِماهُ فمُظْهِرٌ

مُذيعٌ وأمَّا جودُه فهو ساتِرُ

إذا أعجَزَ البيض الصوارم مطلبٌ

حَوَتْهُ لهُ آراؤهُ والمَزابِرُ

تُشابِهُ سيْلاً في الحوادث والنَّدى

من ابنِ سعيدٍ كَفُّه والخَواطِر

فلا خطْب إِلا وهو بالرأي كاسِرٌ

ولا فقْرَ إِلاَّ وهو بالجودِ جابِرُ

تجمَّع من لطفٍ وبأسٍ ويعْزُب اجْ

تِماعُهُما لكنَّما اللّهُ قادِرُ

تفِرُّ أسودُ الغاب من حرِّ بأسِهِ

وتألَفُ غِزْلانُ الصَّريم النَّوافر

سمير الدُّجى تلوي رويَّتهُ الكرى

فيرقُدُ صرَّارُ الدُّجى وهو ساهر

إذا اخْرَوَّط السير العنيف برفقةٍ

نَضا عيسَهُمْ إِسْراؤهُم والهواجر

طووْا من سُحول البيد كل سحيقةٍ

وشايَعَها وَعْساؤها والقَراقِرُ

وغَرَّدَ حاديهمْ بذكْرِكَ بعدما

دَنَتْ من صَعيد المُقفرات المشافر

فكلُّ طليحٍ عند ذكرك مُرْقِلٌ

وكلُّ هزيلٍ منْ ثَنائكَ حادِرُ

هنيئاً لك المَدْحُ الفصيحُ وخالدٌ

من القوْل وثَّابُ المراحِل سائِرُ

إذا قُلْتُهُ فالرامِساتُ مَطيَّةٌ

وصيتي إذا كَلَّ الأمونُ العُذافِر

فلا تُصْغِيَنْ إلا لقوليَ وحدَه

فأمُّ القَوافي بعد شِعْريَ عاقِرُ

أنا الفارسُ المنْعوتُ في الفضل كلهِ

أطارِدُ في كَبَّاتِهِ وأغامِرُ

طوى الشعر فضلي واسماً لي باسمه

فأصبحتُ مظلوماً إذا قيلَ شاعِرُ

وهَوَّنَ وجْدي بالظُّلامةِ أنني

مدحْتُك والمُنْثي بفضلكَ فاخِرُ