لقد كنت جلدا قبل أن توقد النوى

لقد كنتُ جَلْداً قبْلَ أَنْ تُوقِدَ النَّوَى

على كبدي ناراً بطيئاً خُمودُها

ولو تُرِكَتْ نارُ الهَوى لَتَضرَّمَتْ

ولكنَّ شَوْقاً كلَّ يومٍ يَزِيدُها

فقدْ جَعَلتْ في حَبَّةِ القَلْبِ والحَشا

عِهادُ الهَوى تُولَى بِشَوْقٍ يُعِيدُها

وقد كنتُ أَرْجُو أنْ تموتَ صَبابَتي

إذا قَدُمَتْ أيَّامُها وعُهودُها

بِمُرْتَجةِ الأرْدافِ هِيفٌ خُصورُها

عِذابٌ ثَناياها لِطافٌ قُيودُها

وَصُفْرٌ تَراقِيها وحُمْرٌ أكُفُّها

وسُودٌ نَواصِيها وبِيضٌ خُدودُها

يُمَنِّينَنَا حَتَّى تَرِفَّ قُلُوبُنَا

رَفِيفَ الخُرَامَى بَاتَ طَلٌّ يَجُودُها

وَفِيهِنَّ مِقْلاقُ الوِشَاحِ كَأنَّها

مَهاة بتُرْبَانٍ طَويلٌ عَمُودُها

مُخَصَّرةُ الأوْسَاطِ زَانتْ عُقُودَها

بِأحْسَنَ مِمَّا زَيَّنَتْهَا عُقُودُها

مِنَ البِيضِ لا تَخْزَى إذا الرِّيحُ أَلْصَقَتْ

بِها مِرْطَها أَوْ زَايلَ الحَلْيَ جِيدُها

ألاَ لَيْتَ شِعري هَلْ تَغيَّرَ بَعْدَنا

مَلاَحَةُ عَيْنيْ أُمِّ عَمْرو وجِيدُها

وهل بَلِيَتْ أثْوَابُها بعدَ جِدَّةٍ

ألا حَبَّذا أخْلاَقُها وجَدِيدُها

وكنتُ أذُودُ العَيْنَ أَنْ تَرِدَ البُكا

فقد وَرَدَتْ ما كنتُ عَنْهُ أذُودُها

خَلِيليَّ ما في العيش عَيْبٌ لو انَّنا

وجدنا لأيامِ الصِّبا من يُعِيدُها

إذَا جِئْتُها بَيْنَ النِّساءِ مَنَحْتُها

صُدُوداً كأنَّ النَفْسَ لَيْسَ تُرِيدُها

ولِي نَظْرَةٌ بعد الصُّدودِ منَ الجَوى

كنظرة ثَكْلَى قد أُصِيبَ وَلِيدُها

هَل اللّهُ عافٍ عَنْ ذُنوبٍ تَسَلَّفَتْ

أمِ اللّهُ إن لم يَعْفُ عنها مُعِيدُها