إما نكون أو لا نكون

غدًا بني قومي، وما أدنى غدا

إما نكون أبدا

أوْ لا نكون أبدا

إما نكون أمة من أعظم الأمم

ترهبنا الدنيا، وترجونا القيم

ولا يقال للذي نأبى: نعم

تدفعنا الهمم

لقمم بعد قمم

أو يا بني قومي نصير قصة عن العدم

تُحكى، كما تحكى أساطيرُ إرمْ

غدًا، وما أدنى غدًا، لو تعلمون

إما نكون أبدًا، أو لا نكون

***

قد وضح الصبح لذي عينيْن

لم يبقْ من شك ولا من ميْن

أين الخلاصُ؟ أين أين؟

لم يبق بيْن بيْن

إما نحوز الغايتيْن

أو نخسرُ الكرامتيْن

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدًا، وما أدنى غدًا لو تعلمون

إما نكون أبدًا، أو لا نكون

***

أفي سبيل العيش، نمضي للجهاد؟

كلاّ بني قومي، فما ذا بالسّدادْ

العيشُ كلُّه إلى نفاد

والعيش لا يثبت للموتِ لدى الجِلادْ

بل في سبيل الله نمضي للجهاد

لله في المبدأ والمعاد

بالله في القلب وفي الكفّ وفي الزناد

ننتزع الحياةَ من جوف الرّدى

حتى ننالَ النصر أو نُستْشهدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدًا، وما أدنى غدًا لو تعلمون

إما نكون أبدًا، أو لا نكون

***

لا بدّ من معنًى أَجَلّْ

من كلّ معنًى ومثلْ

نسعى إليه في ارتياح وجذل

ونقبل الموت إذا الموت نزلْ

بغير خوفٍ أو وجلْ

أجل، أجل، أجلْ

ذلكم الرحمنُ لم يزلْ

عزّ وجلّ

ربّ الحياة، مالك الأجل

كفيلنا في المنُتهى والمُبتدى

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدًا وما أدنى غدًا لو تعلمون

إما نكون أبدًا، أو لا نكون

***

لا صلح يا قومي وإن طال المدى

وإن أغار خصْمُنا وأَنْجَدا

وإن بغى، وإن طغى، وإن عدا

وروّع القدْس، وهدّ المسجدا

وشاد في مكانه هيكلهُ المُمرّدا

وشرّد الألوف من ديارهم وطردا

وذبح الأطفال والنساء والشيوخ رُكّعًا وسُجدّا

يلتمسُ العدوُّ صلْحنا سُدى

لا، لن يكون سيدا

ولن نكون أعبُدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدًا، وما أدنى غدًا، لو تعلمون

إما نكون أبدًا، أو لا نكون

***

المسلمون انهزموا يوم حُنيْنٍ وأُحدْ

من غفْلةٍ بالمسلمين، واغترارٍ بالعدد

والمصطفى يذود عنهم ويصولُ كالأسدْ

هل ضعُف الإسلامُ من بعد حُنيْنٍ وأُحدْ

لا، بل علا سلطانه، بعد حُنيْنٍ وأُحدْ

وأنجز الرحمان ما وعد

وانتشر الهدى

لا، لن تَهيضنا الخطوب، أو يُخيفنا الرّدى

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدًا، وما أدنى غدًا، لو تعلمون

إما نكون أبدًا، أو لا نكون

***

صونوا مصابيح الهُدى

ولا تُمكّنوا العدا

أن يُخمدوها أبدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدًا، وما أدنى غدًا، لو تعلمون

إما نكون أبدًا، أو لا نكون

***

يا ويح بيت المقدسِ

والحرم المُقّدسِ

مما به من أَبْؤسِ

وما أصاب طهرهُ من دَنسِ

واعمراهُ، أين أنت يا عُمر؟

يوم دخلْتَهُ دخول المُنْتَظرْ

في سمْتكَ الرائعْ

وقدِّك الفارعْ

وفي مُحيَاك القمرْ

وبين جنبيْكَ خشوعُ المعُتمرْ

وأهله إليك ينظرونْ

كأنما تحوّلوا إلى عيونْ

فَيعْجبون ثم يُعجبونْ

من ثوبك المرُقّع

وعزَّك المُمنّعْ

تساءلوا ما بين شكٍّ ويقينِ:

أجدُّكم هذا أميرُ المؤمنين؟

إذَا هو الذي يُسمّى عُمرَا؟

إذا هو الذي أَذلَّ قيصرا؟

يا عُمراهُ كيف ذلّت إيلياءْ؟

مدينة الرسْل ودارُ الأنبياءْ

مسْرى النبيّ المصطفى

إلى السماوات العُلاَ

حيث رأى ما قد رأى

من نور ربّه العزيز الأعلى

في السّدرة العصماء ذات المُنتْهى

واعمراهُ، أين أُولى القبلتيْن؟

وأين ثاني الحرميْن؟

والمسجدُ الثالثُ بعد المسجديْن؟

وامسجداهْ! واأَقصياهْ!

لا، لن يحوزوا المسجدا

لَنستردّنْهُ غدا

إما نكون أبدا

أو لا نكون أبدا

غدًا، وما أدنى غدًا، لو تعلمونْ

إما نكون أبدًا، أو لا نكون

***

لا، والذي يقول كنْ لما يشاءُ فيكونْ

وقسمًا ببِيْتهِ المُحرّم المصون

لَمثلما كنا قديمًا سنكونْ

ومثلما أرادنا كتابنا سوف نكون

ومثلما أرادنا محمد سوف نكون:

أعزّةٌ مناضلون

وأقوياءُ عادلونْ

لا، لن نذلّ أبدًا، ولن نهونْ

وإن تواطأ الطغاةُ أجمعون

فليسمعوا، هل يسمعونْ؟

وليشهدنْ العَالَموُن

أنَّا علينا أن نكون

أعزّةً أو لا نكون