الحب

عَاجَ الْخَيَالُ فَلَمْ يَبُلَّ أُوَامَا

وَمَضَى وَخَلَّفَ فِي الضُّلُوعِ ضِرَامَا

مَا لِي وَلِلْكَحْلَاءِ! هِجْتُ عُيُونَهَا

فَمَلَأْنَ قَلْبِي أَنْصُلًا وَسِهَامَا

يَا قَلْبُ وَيْحَكَ! مَا سَمِعْتَ لِنَاصِحٍ

لَمَّا ارْتَمَيْتَ، وَلَا اتَّقَيْتَ مَلَامَا

لَعِبَتْ بِكَ الْحَسْنَاءُ، تَدْنُو سَاعَةً

فَتُثِيرُ مَا بِكَ، ثُمَّ تَهْجُرُ عَامَا

وَالْحُبُّ مَا لَمْ تَكْتَنِفْهُ شَمَائِلٌ

غُرٌّ يَعُودُ مَعَرَّةً وَأَثَامَا!

وَالْحُبُّ أَحْلَامُ الشَّبَابِ هَنِيئَةً

مَا أَطْيَبَ الْأَيَّامَ والْأَحْلَامَا!

وَالْحُبُّ نَازِعَةُ الْكَرِيمِ تَهُزُّهُ

فَيَصُولُ سَيْفًا أَوْ يَسِيلُ غَمَامَا!

وَالْحُبُّ مَلْهَاةُ الْحَيَاةِ وَطِبُّهَا

وَلَقَدْ تَكُونُ بِهِ الْحَيَاةُ سَقَامَا!

وَالْحُبُّ نِيرَانُ الْمَجُوسِ، لَهِيبُهَا

يُحْيِي النُّفُوسَ، وَيَقْتُلُ الْأَجْسَامَا!

وَالْحُبُّ شِعْرُ النَّفْسِ إِنْ هَتَفَتْ بِهِ

سَكَتَ الْوُجُودُ وَأَطْرَقَ اسْتِعْظَامَا!

وَالْحُبُّ مِنْ سِرِّ السَّمَاءِ فَسَمِّهِ

وَحْيًا إِذَا مَا شِئْتَ أَوْ إِلْهَامَا

لَوْلَاهُ مَا أَضْحَى وَلِيدُ زَبِيبَةٍ

يَوْمَ التَّفَاخُرِ سَيِّدًا مِقْدَامَا

وَلَمَا رَمَى فِي الْجَحْفَلَيْنِ بِصَدْرِهِ

لَا يَتَّقِي رُمْحًا وَلَا صَمْصَامَا

الْحُبُّ أَلْبَسَهُ الْمُرُوءَةَ يَافِعًا

وَأَعَدَّهُ لِلْمَكْرُمَاتِ غُلَامَا

يَا شَدَّ مَا فَعَلَ الْغَرَامُ بِمُهْجَةٍ

ذَابَتْ أَسًى وَصَبَابَةً وَهُيَامَا!

كَانَتْ صَئُولًا لا تُنِيلُ خِطَامَهَا

فَغَدَتْ أَذَلَّ السَّائِمَاتِ خِطَامَا!

سَكَنَتْ إِلَى حُلْوِ الْغَرَامِ وَمُرِّهِ

وَرَعَتْ عُهُودًا لِلْهَوَى وَذِمَامَا

وَطَوَتْ أَحَادِيثَ الْجَوَى فَطَوَتْ بِهَا

دَاءً يَدُكُّ الرَّاسِيَاتِ عُقَامَا

نَالَ الضَّنَى مِنْهَا الَّذِي قَدْ نَالَهُ

فَعَلَامَ رَوَّعَهَا الصُّدُودُ عَلَامَا؟

يَا زَهْرَةً نَمَّ النَّسِيمُ بِعَرْفِهَا

وَجَرَى بِهَا مَاءُ النَّعِيمِ جِمَامَا

يَا جَنَّةً لَوْ كَانَ يَنْفَعُ عِنْدَهَا

نُسْكٌ لَبِتْنَا سُجَّدًا وَقِيَامَا

يَا طَلْعَةَ الرَّوْضِ النَّضِيرِ تَحِيَّةً!

وَمُجَاجَةَ الْمِسْكِ الذَّكِيِّ سَلَامَا!