ضيف كريم

حَلَّقَ النَّسْرُ كَمَا شَاءَ وَصَاحْ

وَرَمَى بِالْقَيْدِ فِي وَجْهِ الرِّيَاحْ

وَجَلَا عَنْ رِيشِهِ الْعَارَ كَمَا

تَنْجَلِي الْأَصْدَاءُ عَنْ بِيضِ الصِّفَاحْ

وَأَطَاحَ الْقَفَصَ الْمَشْئُومَ، لَا

تَعْرِفُ الْجِنُّ مَتَى أَوْ أَيْنَ طَاحْ

كَمْ قَضَى اللَّيْلَ بِهِ مُسْتَيْئِسًا

جَزِعًا، بَيْنَ أَنِينٍ وَنُوَاحْ

وَلَكَمْ حَنَّ إِلَى أَوْطَانِهِ

قَلِقَ الْأَضْلَاعِ، خَفَّاقَ الْجَنَاحْ

يُرْسِلُ الْعَيْنَ فَلَا يَلْقَى سِوَى

لُجَجٍ خُضْرٍ دَمِيمَاتٍ شِحَاحْ

يَشْتَكِي لِلَّيْلِ فِي وَحْشَتِهِ

فَإِذَا غَابَ تَشَكَّى لِلصَّبَاحْ

ذَهَبَ الْمَاضِي مَجِيدًا حَافِلًا

رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ! أَيْنَ رَاحْ؟

أَإِسَارُ الْحُرِّ حَقٌّ سَائِغٌ

وَإِبَاءُ الْحُرِّ شَيْءٌ لَا يُبَاحْ؟!

وَإِذَا مُدَّتْ لِإِحْسَانٍ يَدٌ

هَزَّتِ الْفِتْنَةُ أَطْرَافَ الرِّمَاحْ؟!

وَإِذَا جَفَّتْ لَهَاةٌ ظَمَأً

ضَنَّتِ الْأَنْفُسُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحْ؟!

وَإِذَا مَالَ أَخٌ نَحْوَ أَخٍ

مَلَأَ الْأَفْوَاهَ شَغْبٌ وَصِيَاحْ؟!

وَإِذَا أَنَّ جَرِيحٌ دَنِفٌ

لِطَبِيبٍ، قِيلَ: لَا تَشْكُ الْجِرَاحْ؟!

هَلْ عَلَى الْمَفْجُوعِ فِي أَوْطَانِهِ

حَرَجٌ إِنْ رَدَّدَ الشَّكْوَى وَبَاحْ؟!

أَوْ عَلَى مَنْ رَامَ أَنْ يَحْيَا كَمَا

يَتَمَنَّى الْحُرُّ ذَنْبٌ أَوْ جُنَاحْ؟!

أَوْ عَلَى الْعَانِي مَلَامٌ إِنْ رَنَا

بَعْدَ عِشْرِينَ، لِإِطْلَاقِ السَّرَاحْ؟!

ثُمَّ قَالُوا: لَمْ يَصُنْ مِيثَاقَهُ

وَنَبَا عَنْ خُلُقِ الْعُرْبِ السِّمَاحْ

أَيُّ عَهْدٍ يَرْتَضِيهِ بَاسِلٌ

عَرَبِيُّ النَّبْعِ، رِيفِيُّ الْجِمَاحْ؟!

أَيُّ عَهْدٍ هُوَ أَنْ أُذْبَحَ مِنْ

غَيْرِ سِكِّينٍ، وَلَا أَشْكُو الذُّبَاحْ؟!

هُوَ عَهْدُ الذِّئْبِ يُمْلِيهِ عَلَى

شَاتِهِ الْمِخْلَبُ وَالنَّابُ الْوَقَاحْ!

وَهُوَ الْقُوَّةُ، مَا أَجْرَأَهَا!

إِنْ مَشَتْ يَوْمًا إِلَى الْحَقِّ الصُّرَاحْ

كَمْ سِلَاحٍ صَالَ مِنْ غَيْرِ يَدٍ

وَيَدٍ تَدْفَعُ مِنْ غَيْرِ سِلَاحْ!

قَصَدَ الْفَارُوقَ يَبْغِي مَوْئِلًا

فِي رِحَابٍ لِبَنِي الْعُرْبِ فِسَاحْ

هِمَّةٌ جَاءَتْ تُنَاجِي هِمَّةً

وَيَدٌ مُدَّتْ إِلَى أَكْرَمِ رَاحْ

مَلِكٌ يَرْنُو لِعُلْيَا مَلِكٍ

وَطِمَاحٌ يَتَسَامَى لِطِمَاحْ

فَثَوَى فِي خَيْرِ غِمْدٍ آمِنًا

صَارِمٌ أَرْهَفَهُ طُولُ الْكِفَاحْ

لَمْ يَجِدْ غَيْرَ بَشَاشَاتِ الْمُنَى

وَارْتِيَاحٍ لِلنَّدَى أَيِّ ارْتِيَاحْ!