تغنم زمان الجود في اللهو واسبق

تغنَّمْ زمانَ الجودِ في اللهو واسبقِ

وفُزْ باجتماعِ الشملِ قبلَ التفرُّقِ

هلموا نسابقُ نحوَ مشمس جِلِّق

وثم لما نهوى على الأكل نلتقي

تصفَّرُ شوقاً لانتظارِ قدومنا

ومن يتعشّقْ ذا الفضائل يشتقِ

وما رمقْت للشوقِ رُمدُ عيونهِ

فإنْ تترفّقْ منه تنظرْ وترفقِ

إذا حضَرتْ أَطباقُهُ غابَ رشدُنا

لما يتلاقى من مشوقٍ وشَيِّقِ

لأَنَّ مذابَ الشَّهدِ فيه مجسّدٌ

أَجدّ له عهدُ الرَّحيقِ المعتَّقِ

وما اصفرَّ إلا خوفَ أيدي جناته

فليس له أمنٌ من المتطرِّق

حكى جمراتٍ بالفضا قد تعلّقتْ

فيا عجبي من جمرةِ المتعلِّقِ

كأنَّ نجومَ الأرضِ فوقَ غصونهِ

فيا حيرتي من نجة المتألِّقِ

وجَنّاتُها محمّرةٌ وَجَناتُها

فَمَنْ يَرَها مثلي يحبَّ ويعشقِ

بدتْ بينَ أوراقِ الغصونِ كأنَّها

كَراتُ نُضارٍ في لجينٍ مُطرَّقِ

تساقِطُها أَشجارُها فكأَنَّها

دنانيرُ في أيدي الصَّيارفِ ترتقي

ومشمشُ بُستانِ الزّكي بشهدِهِ

شهادتُهُ تقضي فَزكّ وصَدِّقِ

يقولُ رفيقي في دمشقَ تعجباً

أَما لكَ بستانٌ مقالة مشفقِ

فقلتُ إلى بابِ البريدِ وسوقِهِ

لأَمثالنا تُجنى بساتين جِلِّقِ

ولو كانَ لي بالسّهمِ سهمٌ وجدت لي

منالي بأيامِ الثِّمارِ ومرفقي

إذا كنتَ مُبتاعاً من السُّوقِ مشمشي

فما ليَ إلاّ لذَّةُ المتسوِّقِ

وما لي بأرباب البساتينِ خلطة

فيصبح في حيطاتها مُتسلّقي

كرامٌ وثوقي في الشِّتاءِ بودّهم

ولكنّهم في الصّيفِ ينسونَ موثقي

وما ثم من يجدي ويقري ويقتني

ثنائي سوى المحيي الكريم الموفّقِ

وذلكَ يومٌ واحدٌ ليس غيره

أَمنْ أَجلِ يومٍ واحدٍ قلتَ لي اسبقِ

على أَنّني لو قيلَ بالصّينِ دعوةٌ

أثرتُ إليها لوعةَ المتحرِّقِ

فإنْ جئتَ قبلي جِلِّقاً فارمِ منعماً

حديثي ينادي المنعمينَ وحَلِّقِ

لعلَّ كريماً ينتخي لضيافتي

بمشمشةٍ عندَ القدومِ وينتقي

فلا تنسَ نشوَ الدِّينِ نشوةَ خاطري

وقلْ عن صبوحي كيف شئت ورقِّقِ

وهاتِ وساعدني وخُذْ من قريحتي

لطيمةَ داريٍ من الحمدِ واعبقِ