عفا الله عنكم عن ذوي الشوق نفسوا

عفا اللّهُ عنكم عن ذوي الشّوقِ نَفِّسوا

فقد تُلفَتْ منا قلوبٌ وأَنفسُ

ألم تعلموا أَنِّي من الشّوقِ مُوسرٌ

أَلم تعلموا أَنّي من الصبّرِ مُفلسُ

ظَنَنْتُمْ بعيني أَنّها تأْلَفُ الكرَآ

فهلاّ بعثتمْ طيفَكُم يَتجسّسُ

وليس لقلبي في السرورِ تَصرُّفٌ

فَقلبي على الأَحزانِ وقفٌ مُحَبّسُ

لفتكِ محبيهِ تَيقّظ طرفُهُ

وتحسبهُ من سقمِ عينيهِ ينعسُ

له ناظرٌ عند الخلافِ مناظرٌ

يقولُ دليلُ الدَّلِّ عنديَ أَقيسُ

إذا درستْ أَلحاظُه السِّحرَ أَصبحتْ

رسومُ اصطباري دُرَّساً حينَ تَدرسُ

ولم أَنسَ أُنسي بالحمى رَعَى الحمى

عشيّةَ لي مَجنَى ومَجلَى ومجلسُ

لحى اللّهُ أَبناءَ الزَّمانِ فكلُّهم

صحيفتهُ أَودَى بها المتلمِّسُ

ولولا ابتساماتُ المظفّر بالنّدى

لما راقَ نفسي صبحُهُ المتنفسُ

جَلَتْ شمسُ لقياهُ الحنادسَ بَعْدَمَا

عرتنا وهل يَبْقَى معَ الشّمسِ حنْدسُ

وصارَ به هذا الزُّمانُ جميعُه

نهاراً فما للناسِ ليلٌ مُعَسْعسُ

إذا صالَ فالمغلولُ أَلْفٌ مُدرَّعٌ

وإِن جادَ فالمبذولُ أَلفٌ مُكَيّسُ

وليس بمغبونٍ على فضلِ رأْيهِ

ويغبنُ في الأَموالِ منه ويبخسُ

إذا أَطلقَ المَلْكُ المظفّرُ في الوغى

أَعنّتَهُ فالشّمسُ بالنّقعش تحبس

فداكَ ملوكٌ لا يُلَبُّونَ داعياً

وكلّهم عن دعوةِ الحقِّ يخنسُ

تَشكّى إليكَ الغَرْبُ جورَ ملوكهِ

فأَشكيتَهُ والجورُ بالعدلِ يعكسُ

سيهدي إلى المهديّةِ النّصرَ والهُدَى

بهديكُم فيها وتونسُ تُؤْنَسُ

رَدَدْتَ كراديسَ الفرنجِ وكلُّهم

لَدَى الأَسرِ في غلِّ الصِّغارِ مُكَرْدَس

وبَيّضْتَ وجهَ الدِّينِ يومَ لقيتهم

وأَبيضكمْ من أسودِ القصرِ أَشوس

أَفادَ دَمُ الأَنجاسِ طُهْرَ سيوفكم

وما يستفادُ الطُّهْرُ لولا التَنَجُّسُ

شموسُ ظُبىً تغدو لها الهامُ سُجَّداً

فللهِ نصرانيّةٌ تَتَمجّسُ

وكم كُفيَ الإسلام سوءاً بملككم

كفيتمْ على رغم المعادينَ كلَّ سو

ولا يفتحُ البيتَ المقدّسَ غيركمْ

وبيتكمُ من كلِّ عابٍ مُقَدَّسُ

لهم كلَّ يومٍ في جهادٍ مُثلَّثٌ

إذا نصروا التوحيدَ فيءٌ مُخَمّسُ

إذا ما تقيُّ الدِّين صالَ تساقطتْ

لأَقدامهِ من عصبةِ الشِّركِ أَرؤسُ

وما عمرٌ إلا شبيهُ سَميِّهِ

شديدٌ على الأَعداءِ ثَبْتٌ عَمَرَّسُ