الأيام

أيَّتُها الأيامُ، ما تصنعينْ

بذلك العبءِ الذي تحملينْ

غُبِنْتِ، يا أيام، لم يلتمسْ

عذركِ حتى المستضامُ الغبينْ

يلومك الناسُ على ما بِهِ

جَرَى يَرَاعُ الغيبِ فوقَ الجبينْ

وقال من قال: لقد أُولعتْ

بالشرِّ، فالطَّبْعُ لئيمٌ لعينْ

عدوةٌ أنتِ لمن خانَهُ

حظٌّ، وإن كنتِ الصديقَ المعينْ

لحاكِ من أخطأ في رأيِهِ

كأنما أنتِ التي تَفكرينْ

ومن أساءَ الصُّنْعَ في عيشه

كيف تُسيئين ولا تُحْسِنِينْ؟

ولامَكِ الضِّلِّيلُ في دهرِهِ

فمنكِ لا منه الضلال المبينْ!

حتَّى أخُو الحرمان في حُبِّهِ

كأنما أنتِ الحبيبُ الضنينْ

وأنتِ لا شكوى ولا آهةٌ

مما ترى عيناك أو تسمعينْ

لَمسْتِ ضَعْفَ الناس في عَالَمٍ

قَوِيُّهُ لا يرحَمُ المُضْعَفِينْ

أخذتِ بالحسنى أراجيفَهم

والضعفُ لا يشفعُ للمرجفينْ

وأنت، يا أيامُ، من رحمةٍ

لَهُمْ تُصلِّين، وتستغفرينْ

وأنتِ، يا أيام، كلُّ الرِّضَا

تولينَهُمْ من كَنزِهِ كلَّ حينْ

فمن مرير علقمٍ كالوزين

حلاوةً في عيشهمْ تسكبينْ

وتُنبتين الرفقَ في أنفسٍ

غليظَةٍ قاسيَةٍ لا تلينْ

أنا الذي أدري بما تصنعينْ

إن ضِقتُ بالعُمرِ الذي تَفسحينْ

لديكِ ما يمحو عذابي، وما

يرقأ دمعي، وهو هامٍ سخينْ

لديكِ ما يُغني همومي، وما

يبرئُ قلبي وهو دامٍ طعينْ

لديكِ ما يُشعرني راحةً

إن عقَّني الودُّ وخان اليمينْ

لديكِ ما يُنصفُني سُلوةً

إن ظَلَمَ الحبُّ وجارَ الحنينْ

لولاكِ لم أنسَ فنائي، ولم

أحْلُمْ بأنِّي خَالدٌ في السنينْ