زهراتي

طَال انتظاري ومضى مَوْعدي

وأنت مثلي ترقبينَ المساءْ

كم لكِ عندي في الهوى من يدِ

يا زَهَراتي، أنتِ رمزُ الوفاءْ

يا زهراتي، ويكِ لا تسأمي

ولا يَرُعْكِ الزَّمنُ الدائرُ

لا تُطرِقي، وابتهجي، وابسِمي

عمَّا قليل يُقْبِلُ الزائرُ

عما قليلٍ سوف تلقينهُ

أجمل ما تصبو إليه العيونْ

يَطرقُ بابي مُعْلِنًا أنَّهُ

كل اصطبارٍ في هواه يهونْ

أقول: هل أبطأ في خطوه

أم هل تُرَى أخطأَ ميعادَهُ؟

أم ضلَّلتهُ، وهو في لهوِه

أرْجَاءُ حيٍّ قَبْلُ ما ارتَادَهُ؟

تعَلَّلي مثلي، وقولي: لعَلْ!

أم أنتِ لا تدرينَ سِرَّ الغرامْ؟

ما أنتِ إلَّا بسماتُ الأملْ

إن خيَّم الصمتُ وسادَ الظلامْ

كم أخَوَاتٍ لكِ شاطرْنَني

فجرَ لقاءٍ رائعِ المطلعِ

وكم مساءٍ فيه سامرْنَني

وبِتْنَ فيهِ ساهراتٍ معي!

يا حسنها فيهنَّ من زهرةٍ

ظنَّتْ جفوني بالكرى مثقلاتْ

مَسَّتْ جبيني، وهي في حيرةٍ

كأنما تُوقظني من سُبَاتْ

ساهرةً تخفقُ أوراقُها

على فمي آنًا، وآنًا يدي

كأنَّ أشواقيَ أشواقُها

أو أنَّها صاحبةُ الموعد!

خلا بنا، يا زَهَراتي، المكانْ

وزايلَ الشرفةَ ضوءُ القمرْ

أليلةٌ ما مَرَّ؟ أم ليلتانْ؟

ابْقَي معي حتى يلوح السَّحَرْ

سألتكِ الحبَّ وعهدَ الوفاءْ

يا زهراتي لا تملِّي البقاءْ

ما زال عندي أملٌ في اللقاءْ

وإنْ مضى اليومُ، وحلَّ المساءْ

خَلْفَ زجاجِ البابِ طيفٌ سَرَى

يدنو إلى بابي من السُّلَّمِ

خفَّ له قلبي وما صوَّرا

غير ذراعيْ شبَحٍ مُبهَمِ

أظلُّ أرنو نحوه مُرهِفًا

سمعي، وما يكذبني ناظري

يا حسرتا، ما لاح حتى اختفَى

وزالَ مثل الحُلُمِ العابرِ

وكم خُطًى أحْسَسْتُها في دمي

أقولُ: قد جاءَ وهذِي خطاهْ

أُصْغِي وأُحْصِي دَرَجَ السلَّمِ

لكنَّهُ يمضي، وينأَى صداهْ

يا زهراتي كم حديثٍ لنا

عن موعدٍ في ليلةٍ أو نهارْ

يَعْجَبُ منا كلُّ ما حولنا

أما سئِمنا بعد طولِ انتظارْ؟

ناشدْتُكِ الحبَّ فإنْ تؤثري

جدَّدتِ أسماركِ في مخدعي

فانْسَيْ مواعيدَ الهوى، واذكري

أيَّ فَتًى، في الحبِّ، لم يُخْدَعِ!