لحن من فينا

في اهتزاز العَصَبِ الثائر والرُّوح المعنَّى

طَالَعَتْهُ بالهناءِ الليلةُ الأولى فغنَّى

ورأى من حوله الأرضَ سلامًا فتمنَّى

ليس يَدْرِي، أشَدا من فرحٍ أم ناح حُزنا

قُلْتُ: من أيِّ بلادٍ؟ قِيلَ: لحنٌ من فينَّا!

**

يا فينَّا سلسلي الأنغامَ سِحرَا

في حنايا النفس لا جوِّ المكانِ

أوَحَقًّا أنتِ ذي؟ أم أنتِ ذكرى

أم رُؤًى تمرح في دنيا الأغاني

وبنانٌ هزَّتِ الأوتارَ سكرى

أم شِفاهٌ لمستْ روح الزمانِ؟

**

يا فينَّا جدِّدي الآن مسرَّاتِ الليالي

روحُكِ الرَّاقص لم يَحْفِلْ بأرضِ وقتالِ

طَرِبًا ما زال يشْدو بين موجٍ وجبالِ

بأساطيرَ، وأحلامٍ، وفنٍّ، وخيالِ

هو روحُ النَّغم الهائمِ في دنيا الجمالِ

**

يا فينَّا هل على غابكِ للشَّمْل اجتماعُ

أم على فجركِ نايٌ، فيهِ للراعي ابتدَاعُ

أم على أفقكِ من نور العشيَّات التماعُ

أم على مائكِ تحت الليل للحُبِّ شراعُ

آهِ من أمس! وما جرَّ على النفس الوداعُ!

**

يا فينَّا أسمعي الدنيا وهاتي

قِصَّةَ الغابة والفَلْسِ الكبيرِ

أين بالدانوب شدوُ الذكرياتِ

وصدى العُشَّاق في الليل الأخيرِ

رَحَلوا عنكِ بأحلامِ الحياةِ

غَيْرَ قلبٍ في يدِ الحبِّ أسيرِ!