إنسان في الحب صب قلبه لهف

إنسان في الحبِّ صبٌّ قلبُه لهفُ

كلّفته الصبرَ وهوَ الهايمُ الكلفُ

أَضحى يُجلجلُ بينَ البينِ عبرتهُ

في الحدّ مُذ جدّ ذاكَ الظعن والسلفُ

فكلَّما كفَّ دمعاً من مدامعهِ

فاضَت عَلى الخدِّ منه الأدمعُ الذرفُ

يا حبّ سرّته يومَ الرحيلِ وقد

أَغرى بهِ الدمعُ والتبريحُ والأسفُ

يدعو الأحبّةَ جهراً يوم بينهم

لمّا تولّوا لوشكِ البينِ واِنصرفوا

يظلّ يَدعوهم مِن خلفِ ظعنهم

كَيما يَعوجوا فلا عاجوا وَلا وقفوا

سارَت بسعدى وجدّت كلُّ ناجيةٍ

لم يلهِها في المسيرِ المهمهُ القذفُ

بانَت ولَم يحظَ منها يومَ فرقتها

بعض الوداعِ فتىً هيمان ملتهفُ

خود تشفُّ بِها نوراً غلائلها

كَما يشفّ بنورِ الدرَّة الصدفُ

فيا لَها ظبية مِن حيثُ ما سرحت

تَرعى رياضَ الحَشا منّي وتقتطفُ

غيداء ليّنةُ الأعطافِ مائسةٌ

يَكادُ في اللينِ منها العطف ينعطفُ

في فَرعِها سحرٌ في لحظها حورٌ

في ثَغرِها درٌّ في خصرها هيفُ

يا راكباً جسرة وَجناء عجلزة

تطوي السباسبَ في المَسرى وتعتسفُ

عرّج بها وأنخها بِالشريعةِ من

بَطحا مقنيات حيث الخلق تعتكفُ

وَاِقصد إِلى ذلك القصر الّذي سمكت

نَحوَ السماءِ بهِ الأبراجُ والغرفُ

وَاِخصُص أبا الطيب بالمدحِ الصريحِ فقد

يَحظى هنالكَ مَن بِالمدحِ يزدلفُ

ذاكَ الجوادُ الّذي ما قطّ في أملي

فيه مدى عمري ضعفٌ ولا عجفُ

وَكَيفَ أجحدُ فضلاً منهُ وهو له

كفٌّ عليَّ بوكّاف الحيا يكفُ

كَم كان منهنّ عسري منه متّلدٌ

مِن يسرهِ غير منذورٍ ومطّرفُ

زاكي الشمائلِ مفضالٌ مفاخرهُ

مِن نورها كادَ جنحُ الليل ينكشفُ

يصبو إِلى المجدِ وَالفعلِ الجَميل كما

يَصبو إِلى البهكنات الهائم الدلفُ

بحرٌ منَ الجودِ عنّا غير محتجبٍ

فَنحنُ مِن لجّة التيّار نغترفُ

سَأظهرُ الشكرَ في طولِ الزمانِ له

لا أَنثني لا ولا عَن ذاك أنحرفُ

مطهّرُ العرضِ لا يأوي إِلى دنسٍ

كالخادر الليث ما مأكوله الجيفُ

يَسمو بهِ المجدُ والملكُ البسيط معاً

وَالبيضُ والسمرُ والأقلامُ والصحفُ

في وجههِ الطلق مِن ماءِ الحيا بللٌ

لا يَعتريهِ مَدى أيّامه نشفُ

فَالعفو وَالصفحُ منه عند قدرتهِ

لمن أَتى وهو للأوزار مقترفُ

سيفٌ وَفي كفّه سيفٌ يصول به

كالبرقِ يبرقُ في الهيجا ويختطفُ

قد أَخبر الدهر عنه أنّه صمدٌ

قلوبُ أعداهُ خوفاً منه ترتجفُ

يا أيّها الملكُ الندبُ الّذي فَخُرت

بهِ المفاخرُ وَالإجلال والشرفُ

أَنتَ الهمامُ الّذي أضحَت بِدَولتهِ

من المظالمِ أم للعدلِ تنتصفُ