تعمدني الخطب غمرا وقرعا

تعمّدني الخطبُ غَمراً وقرعا

وَأَحزَنَني الدهرُ حكماً وشرعا

وَأَوجَعني بالمصابِ الّذي لم

أَزَل أَشتكي منهُ في القلبِ صدعا

وَظلتُ تُساورني كلّ حينٍ

أَفاعي النوائبِ نَهشاً ولسعا

أَداعِيَتي للتغزّل كفّي

فَمثلي لِغيرِ التغزّل يدعى

أَبعد سليلي وقرّة عيني

أَغنّي بِأَسما وأندبُ سلعا

أَبعدَ الحبيبِ الّذي هو مسمعا

بماءِ الفؤادِ أُخاطبُ ربعا

أَبعدَ الوليدِ السعيدِ سعيدا

أكلّف نضوى إِلى اللهوِ وضعا

فَما كانَ ألطفهُ لي وَأحفا

وَأَسلكه في رضائي وأسعى

وما كانَ أَخلصهُ لي وأوفا

وَأَحفظهُ للذِمام وأرعى

وَقفتُ على قبرهِ مستهلّاً

عليهِ أردِّدُ للصوتِ رجعا

وَقلتُ أتسمع منّي مقالاً

يردّدهُ الحزنُ سجعاً فسجعا

فَيا سوءَ حالي صبيحة قامت

عليكَ النوادبُ شتّى وَجمعا

أَصبتُ بفرقاكَ أدهى مصابٍ

بهِ جمعَ الدهرُ بؤساً فأوعا

فَسقياً لأيّامنا الماضيات

وَرَعياً لها ثمَّ رعياً ووسعا

وَلا غروَ إِن جئت أنبه خلقٍ

منَ اللّه في عالمِ الأرضِ تسعى

فَقَد يقذفُ اللّه درّاً وودعا

وَقد تنبتُ الأرضُ قاراً وينعا

وَفي الطيرِ مِن خلقِ ربّي بزاة

وَمِنها بغاثٌ تَسومُ وترعى

سَأبكيكَ طولَ البقا والحياةٍ

وَإن كنتُ لَم أَستطع لك نفعا

وَلا تنكرنَّ المماتَ فإنّي

رأيتُ البريّة للموتِ زَرعا

وَما أنتَ بالبدع إن متّ طفلاً

وإِن كنتَ في هيئة الحسنِ بدعا

وَلكنَّه وجبٌ مستحقٌّ

لِمثلك إِن ماتَ يُبكى ويُنعى

لَبِست برودَ الثنا والمحام

دِ طفلاً وما بعد جاوزتَ تسعا

وَصاحَبتنا بالحِجا والوقارِ

وكانَ لك الحزمُ والعزمُ طَبعا

سَقى اللّه مِن بقعةِ المحلِ قبرا

حَواكَ منَ المزن ودقاً ورجعا

وَروّاه غيثٌ ملثٌّ هتونُ

بِهِ لامعُ البرقِ يلمعُ لمعا