كم أنت تجحد والمدامع تشهد

كَم أَنتَ تَجحدُ وَالمدامعُ تشهدُ

وتقرُّ أحياناً وحيناً تجحدُ

أَتظنُّ يُخفي الحبَّ مَن هو مدنفٌ

كَلفٌ وذائبُ دمعهِ لا يجمدُ

مِن أينَ يصلحُ فاسدٌ من مهجةٍ

فيها علاقاتَ الهوى لا تفسدُ

يا مُخبري كَيف الفريقُ أَشَملُهم

مُتجمّعٌ أَم شَملُهم متبدّدُ

فَمَتى تُصيب سهامُ قوسي في الهوى

وَمَتى سعاد بما أحاولُ تسعدُ

لَهفاً لقلبٍ لَم تزل نيرانهُ

بينَ الأضالعِ حرّها لا يبردُ

كَم مِن غيورٍ دونها قد صارَ لي

في الناسِ يبرقُ في الوعيدِ ويرعدُ

بيضاء مَنظرُها لعيني جنّةٌ

وَلِمُهجتي هيَ جمرةٌ تتوقّدُ

يبلى الزمان قديمهُ وجديدهُ

وَهوايَ فيها طائلٌ متجدّدُ

فَالوجهُ مثلُ الصبحِ منها أبيضٌ

وَالفرع مثلُ الليلِ منها أسودُ

وَالثغرُ مثلُ الأقحوانِ وريقهُ

أَحلى منَ الماءِ الزلال وأبردُ

وَبعيدةُ الأرجاءِ نازحُ شحطِها

أَقصى وَأَنزح ما يكون وأبعدُ

جاوَزتها سحراً وتَحتي جسرةٌ

مِن نسلِ شدقم كالحنيّةِ جلمدُ

ما كانَ مطلبُها وقبلةُ قَصدِها

إلّا أَبو العرب الهمام الأمجدُ

مَلكٌ أمورُ العالمين جميعها

بيدي رياستهِ تحلُّ وتقعدُ

ضاءَت أقاليمُ البلادِ بعدلهِ

وَغَدت جيوش الجور منها تطردُ

وَلَه يدٌ تَعلو على كلِّ الورى

شرفاً وَلا تَعلو على يدهِ يدُ

لَو طبع أنملهِ يحلُّ بجلمدٍ

يوماً لأورقً منه ذاك الجلمدُ

لَو في السَما للإنسِ يحسنُ مقعد

يوماً لكان له هنالك مقعدُ

خوّاضُ بحرِ الحربِ في يومِ الوغا

بينَ الفوارسِ والقنا متقصّدُ

في الموقفِ الضنكِ الّذي من هولهِ

فيهِ الفرائضُ تقشعرّ وترعدُ

لكَ في المَعالي يا ذؤابةَ يعرُبٍ

مجدٌ تفوزُ به الرواةُ وتنجدُ

كافَحتَ فرسانَ العدا بكتائبٍ

مِنها المَنايا والمنى يتولّدُ

فَقَضى حسامك فرضهُ لكَ طائعاً

مِن حيثُ يركعُ في الرؤوسِ ويسجدُ

وَأَنرتَ في الإسلامِ شمساً نورها

تُطفى بهِ نارُ الضلالِ وتخمدُ

فَالآنَ لا متمجّسٌ فيه ولا

مُتنصّرٌ فيه ولا متهوّدُ

فَاِفخر فإنّك تُبّعٌ مع تُبّعٍ

شَرفاً وإنَّك بعد أسعدَ أسعدُ