أداروا الهوى صرفا فغادرهم صرعى

أداروا الهوى صِرْفاً فغادرهم صَرْعَى

فلمّا صَحَوْا من سُكرِهم شَرِبوا الدَّمْعا

وما عَلِموا أنّ الهوى لو تكَلَّفوا

محَبَّةَ أهليه لصارَ لهم طبعا

ولما استلذّوا مَوْتَهم بعَذابه

وَعَيْشَهمُ في عُدْمِه سألوا الرُّجعى

إذا فقدوا بعض الغرام توَلَّهوا

كأنَّ الهوى سَنَّ الغَرامَ لهم شَرْعَا

وقد دفعوا عن وَجْدِهمْ كلَّ سَلْوَةٍ

ولو وَجَدَتْه ما أطاقَتْ له دَفْعَا

وطاب لهم وَقْعُ السِّهام فما جَلَوْا

لصائبها بِيضاً ولا نسَجوا دِرْعا

فكيفَ يُعَدُّ اللَّوْمُ نُصْحاً لَدَيْهمُ

إذا كان ضُرّ الحُبّ عندهمُ نَفْعَا

خَلا الرَّبْع من أحبابِهم وقلوبُهمْ

مِلاءٌ بهم فالرَّبْعُ مَن سأل الرَّبْعا

سَلِ الوُرْقَ عن يوم الفِراق فإنّهُ

بأَيْسَرِ خَطْبٍ منه عَلَّمَها السَّجَعا

إذا صَدَحَتْ فاعلَمْ بأنّ كُبودَها

مُؤَرَّثَةٌ غَمّاً تُكابده صَدْعَى

وذاك بأنّ البَيْنَ بانَ بإلْفِها

وكيف ينالُ الوَصْلَ من وَجَدَ القَطْعا

وأهلُ الهوى إنْ صافحَتْهُم يدُ النَّوى

رَأَوْا نَهْيَها أمراً وَتَفْريقَها جَمْعَا

رعى وسقى اللهُ القلوبَ التي رَعَتْ

فَأَسْقَتْ بما أَلْقَتْ وأخرجَتِ المَرْعى

وحَيّا وأحْيا أَنْفُساً أَحْيَتِ النُّهى

وحَيَّتْ فَأَحْيَتْنا مَناقِبُها سِمْعا

سحائِبُ إنْ شِيمَتْ عن المَوْصِلِ التي

بها حَلَّتِ الأنواءُ أَحْسَنتِ الصُّنْعا

أوائِلُها من شَهْرَزورٍ إذا اعْتَزَتْ

جزى اللهُ بالخيرِ الأراكة والفَرْعا

وَجَدْتُ الحَيا عنها بنُجْعَةِ غيره

فَأَعْقَبَنا رَيَّاً وأحْسَبَنا شِبْعا

ونِلْنا به وِتْرَ العطاء وَشَفْعَهُ

كأنّا أَقَمْنا نحوه الوتْرَ والشَّفْعا