حنت فأذكت لوعتي حنينا

حَنَّتْ فَأَذْكتْ لَوْعَتي حَنينا

أَشْكُو من البَيْن وتشكو البِينا

قد عاثَ في أشخاصِها طُولُ السُّرى

بقَدرِ ما عاثَ الفِراقُ فِينا

فخَلِّها تَمْشِي الهُوَيْنا طالما

أَضْحَتْ تُباري الريح في البُرِينا

فكيف لا نَأْوِي لها وهي التي

بها قَطَعْنا السَّهْل والحُزونا

ها قد وَجَدْنا البَرّ بَحْرَاً زاخِراً

فهل وجدتُم غيرَها سَفِينا

إنْ كُنّ لا يُفصِحْنَ بالشَّكوى لنا

فهُنَّ بالإرزامِ يَشْتَكينا

قد أَقْرَحَتْ بما تَئِنُّ كَبِدي

إنّ الحزين يَرْحَمُ الحزينا

لو عَذُبَتْ لها دموعي لم تَبِتْ

هِيماً عِطاشاً وترى المَعينا

وقد تياسرتَ بهِنّ جائراً

عن الحِمى فاعْدِل بها يَمينا

نُحَيِّ أطلالاً عفا آياتِها

تَعاقُبُ الأيام والسِّنينا

يقولُ صَحْبِي أَتَرَى آثارَهم

نعم ولكن لا أرى القَطينا

لو لم تَجِدْ رُبوعُهم كَوَجْدِنا

للبَيْنِ لم تَبْلَ كما بَلينا

ومن رأى قَبْلَ اللِّحاظِ أَنْصُلاً

أَرْدَتْ وما فارقَتِ الجُفونا

أكُلَّما لاحَ لعَيْني بارِقٌ

بَكَتْ فَأَبْدتْ سِرِّيَ المَصونا

لا تأخذوا قلبي بذَنبِ مُقلَتي

وعاقِبوا الخائنَ لا الأمينا

ما اسْتَتَرتْ بالورَقِ الوَرْقاءُ كي

تَصْدُقَ لمّا علَتِ الغُصونا

كم وَكَلَتْ بكلّ باكٍ شَجْوَهُ

يُعينُه إنْ عَدِمَ المُعينا

هذا بُكاها والقَرينُ حاضرٌ

فكيف مَن قد فارَق القَرينا

أقسمتُ ما الرَّوض إذا ما بَعَثَتْ

أرجاؤُه الخِيرِيَّ والنِّسْرينا

وعَذُبَتْ أنهارُه وأدركتْ

ثِمارُه وأبدَتِ المَكْنونا

أَشْهَى ولا أَبْهَى ولا أَوْفَى ولا

أَحْلَى بعَيْني لينا

مِن قَدِّها ووجهها وثَغرِها

وشَعرِها فاستمِع اليَقينا