لا شيء أحسن من إلفين قد قسما

لا شيء أحسن من إلفَينِ قد قسما

حسنَ الرعاية والإخلاص بينهما

تقاسما الحسن والإحسان فامتزجا

على الصفات فصارا في الهوى عَلَما

كأنَّما قلمٌ قد خطَّ شكلَهما

بل كان ذلك لطفَ اللَه لا قلما

ترى الفكاهة والآداب بينهما

حدائقاً ورياضاً تنبت الحِكَما

قد أُعطِيا من فنون الشكل ما اشتهيا

وحُكِّما في صروف الدهر فاحتكما

وحين يسلم هذا يزدهي فرحاً

لعِلمِه أنَّ مَن يهواه قد سلما

لو حُرِّكا انتثرا شكلاً وإن نطقا

تناثرا لؤلؤاً نظماً وما نُظِما

صار الحفاظُ لعين العيب مُتَّهِماً

فلن ترى منهما بالعَيب مُتَّهَما

تراضَعا بوفاءٍ كان عيشهما

منه ولو فُطِما ماتا وما انفطما

كأنَّ رُوحَيهما روح فأنت ترى

وهميهما واحداً في كلِّ ما وَهِما

وليس يحلم ذا حلماً برقدته

إلا وهذا بذاك الحلم قد حلما

أعجبْ بإلفَينِ لو بالنار عُذِّبَ ذا

وذاك في جنَّة الفردوس قد نعما

لكان ينعم هذا من تنعُّم ذا

وكان يألم هذا ذلك الألما

حُسن اتِّفاقٍ بظهر الغيب بينهما

في كلِّ حالٍ تراه الدهرَ ملتئما

لو مسَّ ذا سَقَمٌ قامت قيامتُه

لعِلمه أنَّ مَن يهواه قد سقما

كذا يكون وداد الأصفياء كذا

تصفو القلوبُ فيجلو نورُها الظُّلَما

سَقياً لإلفَين لو هَمّا بمَقلِيَةٍ

ما همَّ أن يبلغا من حيرةٍ نَدَما

تشاكلا في دوام العهد فائتلفا

والختل والغدر من هذا وذا عَدِما

استخلصا خلوات الأُنس بينهما

محضاً فلو أبصرا ظلَّيهما احتشما

لو خُلِّيا سرمدَ الدنيا قد انفردا

عند التغازل ما مَلّا وما بَرِما

ولا أرادا اعتزالاً طول عمرهما

كأنما شَرِبا من ذا وقد طَعِما

يلتذُّ هذا لشكوى ذا ويَعلَمه

وفي التذاذهما تصديق ما عُلِما

كلٌّ له حَرَمٌ من صون صاحبه

ولن يُصاد مصونٌ يألف الحَرَما

فكلُّ ما فعلا قبل اعتصامهما

بالودِّ قد طهرا منه مذ اعتصما

كالجاهليَّة بالإسلام قد غُسِلت

ذنوبُها ونفى الإسلامُ ما اجتُرِما

صار الهوى لهما دِيناً فصانهما

عن المساءة ما عِيبا ولا اتُّهِما

إنَّ المُحبين إن داما على ثقةٍ

تَهنَّيا العيشَ والدنيا صفت لهما

كُلٌّ لصاحبه تُبلى سرائرهُ

بكلِّ ما أظهرا من بعد ما كتما

فللمحبِّينَ في صفو الهوى نِعَمٌ

إن يشكروهنَّ يزدادوا بها نِعَما

يا ربّ إنَّ الهوى لا كاد يحمله

إلا الكرام فزِد أهلَ الهوى كرما