ألا بكرت لبنى عليه

أَلا بَكرت لُبنى عَلَيه

تُحَدِّثُهُ طَوراً وَطَوراً تُلاعِبُه

إِنَّ أَشَدَّ الناس في الحَشر حَسرَةً

لِمورِثُ مالٍ غَيرَهُ وَهوَ كاسِبُهُ

كَفى سَفَهاً بالكَهل أَن يَتبَعَ الصِبا

وَأَن يأتيَ الأَمرَ الَّذي هُوَ عائِبُه

وَإِنَّكَ تَلقى صاحبَ الجهل نادِماً

عَلَيهِ وَلا يأسى عَلى الحِلم صاحِبُه

يَفِرّ جَبان القَوم عَن عِرس نفسه

وَيَحمي شُجاع القَوم مَن لا يُناسِبُه

وَيُرزَق مَعروفَ الجَواد عَدوُّه

وَيُحرَم مَعروف البَخيل أَقارِبُه

أَرى الحِلمَ في بَعض المَواطِن ذِلَّةً

وَفي بَعضها عَزّا يُسوَّد صاحِبُه

أَلا مَبلَغٌ عَنّي خَليلي وَدونَه

مَطا سَفَرٍ لا يَطعَمُ النَومَ طالِبُه

رِسالَةَ ثاوٍ بِالعِراق وَروحه

بِفُسطاطِ مِصرٍ حَيث جَمّت عَجائِبه

لَهُ كُلَّ يَوم حَنّةٌ بَعدَ رَنَّة

يَجيش بِها في الصَدر شَوق يُغالِبُه

إِلى صاحِب لا يُخلِق النأيُ عهده

لِناءٍ وَلا يَشقى بِهِ من يُصاقبه

تَخيَّرَه حُرّاً نَقيّاً ضَميرُهُ

جَميلاً مُحَيّاهُ كَريماً ضَرائبه

هُوَ الشَهد سِلماً وَالزُعاف عَداوَةً

وَبحر عَلى الوراد تَجري غَواربه

فَيا حَسنَ الحُسن الَّذي عَمَّ فَضله

وَتَمَّت أَياديه وَجَمَّت مَناقبه

إِلَيكَ عَلى بُعدِ المَزار تَطلَّعت

نَوازعُ شَوق ما تُرَدّ عَوازبه

أَرى بعدك الاخوانَ أَبناءَ عَلّة

لهم نسب في ودّهم لا أُناسِبُه

فَهَل يَرجِعَن عيشي وَعيشَكَ مَرَّة

بِبَغدادَ دَهرٌ منصف لا نُعاتِبُه

لَياليَ أَرعى في جَنابك رَوضَةً

وآوي إِلى حِصن مَنيع مراتبه

وَإِذ أَنتَ لي كالشَهد بالراح صُفِّقاد

بِماء رُصافٍ صفّقَته جَنائبه

عَسى وَلَعَلَّ اللَهُ يَجمَع بَينَنا

كَما لاءمَت صدعَ الإناء مشاعبه