أعيدي بديع النوح ويك أعيدي

أَعيدي بديع النوح ويك أعيدي

فقد بلغ الغايات كل معيد

وشقي ثياب الصبر بالحزن واعفري

على قسمات الوجه ثوب صعيد

فقد بلغ الأَقصى الأسى وفني العزا

لموت العتيكي راشد بن سعيد

فمن لائمي إِن قلت ذوبي لمهجتي

وقلت لعيني بالدموع فجودي

فهذا هو البين المفرق بيننا

وهذا هو الاعدام بعد وجود

فليت دفينا بو حبيب بمقلتي

لألقي عليه الجفن عند رقودي

ومن لائمي إن عشت بالحزن ساهرا

سهيدا أراعي النجم أي سهيد

وليت بدمعي كان بالأمس غسله

وليت بذاك العطر سبط جسيد

هنيئا لأكتاف تناقل سبحه

إِلى لحده المأنوس بين لحود

فيا حاملي أعواده إن فوقها

لشمس وتلك الشمس بين سعود

ويا دافنيه في الثرى إن قبره

مقر ذكاء ولا مقر لحيد

إِلى رحمة الرحمن روحك روحت

وفي وفده أقبلت صدر وفود

حملت أذى الدنيا وغصة أهلها

وحيداً وأيم اللَه أَي وحيد

تجلدت في الدنيا لطاعة ذي العلا

ويبلغ ما يهواه كل جليد

أمت نهار الصيف صوماً وميت الدّ

دياجي فتحييه بطول سجود

وعشت وهم النفس في بذلك القرى

وترتيل قرآن هناك مجيد

كأنك لما كنت في الناس صالحاً

وهم لك في الانذار مثل ثمود

أَلا إِن بيض الدَهر بعدك أصبحت

وهن فسود في حبالة سود

صددت عن الدنيا ودنياك واصل

كفى بصدود المرء أي صدود

عرفنا بأن الناس بعدك هامد

ثويب به في فاسطين همود

بكيناك لما أن فقدناك والتقى

فيا لفقيد عالق بفقيد

وعدنا بطي الأَرض والأَرض طيها

كذا لا بغور تنطوي ونجود

حددت كفاة القاسطين وأصبحت

كفات البواقي غير ذات حدود

فأف لذي الدنيا خلافك راشد

وناسيك منا فهو غير رشيد

إِذا زارك الراجي رأى الوعد حاضراً

وما خاف في عقباه سوء وعيد

تقدست حيا ثم قدست ميتاً

حميداً ففي الكونين أَي حميد

رحلت وأبقيت الثنا الجم والأَسى

ففيك وفينا صار أَي شهيد

تنوشد فيك الحمد في كل محفل

وكل فؤاد من أساك عميد

فلا مهجة إِلا كواها لظى الأَسى

ولا دمع إِلا مندب بخدود

تناديك إشفاقاً وتدعوك شافعاً

فيا خير من عند الإِرادة نودي

سقى قبرك المأنوس باللطف وابل

إِذا راح فيه بالسعادة غودي

سقاه فرواه وسقى حياله

قبوراً بنخل في ربى ووهود

فإن كريم القوم حي وميت

يجود ولم تبخل يداه بجود

أَيا آل شوال لكم ولنا العزا

فما هذه الدُنيا بدار خلود

مضى وسنمضي إثره مثلما مضى

على إثر آباء مضت وجدود

فما الموت إِلا منهل كلنا له

ورود على إرغامه لورود

لئن مت قبلي راشد انني بكم

قطار فحيني قائم بوصيدي

ولست براض قبلك اليوم عاضدا

ولو كان بوزيد يكون عضيدي

صحبت المنايا راحلاً وتركتني

بدار كأني ناقف لهبيد

فآها ولو يجدي لي الآه ما مضى

لحددت تأويهي بكل جديد

لئن عشت مطروداً بحزني عن العزا

فإني عن الأعوال غير طريد

سأملأ بالتأبين فيك دفاترا

وأكثر بالاعوال فيك نشيدي

وأقصد مغناك الذي أَنت نازل

لأسمع سكان القبور قصيدي

وتسلوك سكان العتيك ولوعتي

عليك وحزني في أَسى ومزيد