حزن يفور ومهجة تتقطع

حزن يفور ومهجة تتقطع

وأسى يجيش وعبرة تتربع

وتأسف متردد وتلهف

متصعد وتأوه وتوجع

وزفير أنفاس يرددها الأسى

كادت تقد بها الحشا والأضلع

لمصيبة كل المصائب عندها

هانت ووقع منّية لا تدفع

هي ثلمة وقعت ولا جبر لها

أبدا وشنع مكارم لا يرفع

هذا هو الرزء العظيم وها هو ال

خطب الجسيم وذا النبأ الأفظع

جبل ثوى من ال حي شنوءة

وخضم بحر غار وهو المترع

كادت لمصرعه السموات العلا

فوق البسيطة من علاها تصرع

من سره دفن العلوم فهكذا

دفن العلوم وهكذا فتشيع

اليوم قد مات الذي فخرت به

عوف وإبنا تبع ومرقع

اليوم مات خليفة الرحمن من

بعد النبي اللوذعي الأورع

اليوم قد أودى الذي من علمه

ملأ الدفاتر والزمان الأوسع

اليوم قد مات الذي أهدى الورى

لشرائع الاسلام وهو المشرع

اليوم مات فتى تموت لموته

كل البلاد ومن عليها أجمع

اليوم مات فتى يضر وينفع

أبداً ويحفظ من يشاء ويرفع

قد كان يخدع في الاله محبة

وعن المحامد والتقى لا يخدع

ذو فطنة في كشف كل خفية

وذكاؤه يدني له ما يشسع

قاض يرى بفؤاده ما لا يرى

بعيونه الفطن النبيه الأصمع

فكأنما الخصماء في نظراته

نبل العدو لمقلتيه تتبع

وكأنما المنصوص والمكنون وال

مجموع والاجماع منه تنبع

ففؤاده أصل الأصول وذهنه

فرع الأصول به الفروع تفرع

لو علمه بحر يصور ما جرى

للخضر فلك من عباب يترع

لو زهده نور يكون لكورت

شمس النهار به وسد المطلع

لو عزمه سيفاً يشحذ لم يزل

أبدا لهامات النوائب يقطع

أفتى سعيد يا محمد هل إذا

ناداك والدك المدله تسمع

فينا نشأت كمزنة في أزمة

قشعت وكان بها الرجا لا يقشع

وبقاء مثلك يا محمد عادم

ظرف الزمان بك امتلا لا يوسع

إن كان ضاق بك الزمان عن البقا

فحميد صنعك يا محمد مهيع

فكأن ذكرك بعد موتك روضة

جيدت فأصبح نبتها يتضوع

أبكي عليك وليس يجديني البكا

عوضا ولا أرجوك عندي ترجع

ولقد بكتك منائر ومنابر

ودفاتر ومحابر والمرفع

ومدارس ومغارس وغرائس

ونفائس في المكرمات وأربع

ومآثر ومفاخر وعمائر

عمّرتها وعشائر بك رُوّعوا

فعمان بعدك مقلة قد أفقئت

هيهات بعدك نورها لا يسطع

حقاً عليك بأن تشقق جيبها

حُزناً وتخمش وجهها أو تصفع

قد كنت حاميها بعلمك مانعاً

وسواك بعدك عاجز لا يمنع

قد كُنت ذا جدل بعلمك دونها

إِن أسند السنيُّ والمتشيع

فالدين بعدك يا محمد هدمت

أركانه والحلم فهو مضيّع

ضعضعت أركان الأباضي والرجا

بك أشيد وكان لا يتضعضع

دفن التقى والعلم عندك والحجى

والمكرمات ببطن لحدك أجمع

فبلاقع الموتى عماراً أصبحت

وعمارة الأحياء بعدك بلقع

عجباً ثلاثة أذرع في طولها

قبراً وشبراً عرضه إذ تذرع

فيه ثوى جبل المكارم والنهى

عمت وعلمك فيه بحر مترع

يا ليت قبرك يا محمد مقلتي

فلعلني ما أنت فيها أهجع

أبقيت لي حزناً عليك مدلها

يختار من يبلى بحزنك ينجع

بي مثل ما بك ما حملت من الثرى

هذاك فالمبلى وذا فالمنجع

هيجت بعدك في البكاء حمائماً

فوق الغُصون على هديل تسجع

وتلقنت مني الفوارق أنة

فغدت كما رجعت فيك ترجع

هذا الفراق متى اللقاء محمد

أو ما لنا قبل القيامة مطمع

بغضت لي الأحياء بعدك إنهم

عندي فهم سم وجدك منقع

وأنا الغريب خلاف موتك عندهم

فكأنني في قومه أنا يوشع

قد كُنت لي في الدين أخلص ناصح

فاليوم راج منك أنك تشفع

حببت لي هذي القبور وأهلها

فيهن أسراري عليك تذيع

تكبيرتان حيال قبرك حجة

بفنائه يتضرع المتضرع

وأنا المعزي فيك قد عز العزا

عندي عليك ففيك قلبي مولع

ومن العجائب ميت في ميت

ميتاً يعزي والمعزي أفجع

وإذا بنو عبد السلام بقوا لنا

فالعلم طام والأَباضي أنصع

عياد يا ابن محمد فلك العزا

فيمن يعزي الدين فيه مورع

فالموت باب كلنا ولاجه

وهو السبيل بمن تمر وتسرع

جادت على قبر الفقيه محمد

وطفاء سارية تهل وتهمع

تبكي عليه بعبرة كبكائنا

لم ترق منها للكآبة أدمع

تروي ضريحاً حله ومقابرا

من حوله فيها عظام زمزع

ولرحمة الرحمن راحت روحه

وإلى مراتب في العلى فترفع

وعليه صلى اللَه بعد نبيه ال

مختار ما رقلت أمون خرشع

وعلى الضجيعين الكرام وآله

والتابعين لهم ومن هو يتبع