العالم العالي برأي معاشر

العالَمُ العالي بِرَأيِ مَعاشِرٍ

كَالعالَمِ الهاوي يُحِسُّ وَيَعلَمُ

زَعَمَت رِجالٌ أَنَّ سَيّاراتِهِ

تَسِقُ العُقولَ وَأَنَّها تَتَكَلَّمُ

فَهَلِ الكَواكِبُ مِثلُنا في دينِها

لا يَتَّفِقنَ فَهائِدٌ أَو مُسلِمُ

وَلَعَلَّ مَكَّةَ في السَماءِ كَمَكَّةٍ

وَبِها نِضادِ وَيَذبُلٌ وَيَلَملَمُ

وَالنورُ في حُكمِ الخَواطِرِ مُحدَثٌ

وَالأَوَّلِيُّ هُوَ الزَمانُ المُظلِمُ

وَالخَيرُ بَينَ الناسِ رَسمٌ دائِرٌ

وَالشَرُّ نَهجٌ وَالبَرِيَّةُ مَعلَمُ

طَبعٌ خُلِقتَ عَلَيهِ لَيسَ بِزائِلٍ

طولَ الحَياةِ وَآخَرٌ مُتَعَلَّمُ

إِن جارَتِ الأُمَراءُ جاءَ مُؤَمَّرٌ

أَعتى وَأُجورُ يَستَضيمُ وَيَكلِمُ

كَحَمائِمٍ ظَلَمَت فَنادى أَجدَلٌ

إِن كُنتِ ظالِمَةً فَإِنّي أَظلَمُ

أَرَأَيتَ أَظفارَ الضَراغِمِ عُوِّدَت

فِرَةً وَأَظفارَ الأَنيسِ تُقَلَّمُ

وَكَذاكَ حُكمُ الدَهرِ في سُكّانِهِ

عَيرٌ لَهُ أُذُنٌ وَهَيقٌ أَصلَمُ

إِن شِئتَ أَن تُكفى الحِمامَ فَلا تَعِش

هَذي الحَياةُ إِلى المَنِيَّةِ سُلَّمُ

ماذا أَفَدتَ بِأَنَّ دَهرَكَ خافِضٌ

وَغِناكَ مُنبَسِطٌ وَعِرسُكَ غَيلَمُ

أَحسِن بِدُنيا القَومِ لَو كانَ الفَتى

لا يُقتَضى وَأَديمُهُ لا يَحلُمُ

وَكَأَنَّما الأُخرى تَيَقُّظُ نائِمٍ

وَكَأَنَّما الأولى مَنامٌ يُحلَمُ

يَتَشَبَّهُ الطاغي بِطاغٍ مِثلِهِ

وَأَخو السَعادَةِ بَينَهُم مَن يَسلَمُ

في الناسِ ذو حِلمٍ يُسَفِّهُ نَفسَهُ

كَيما يُهابَ وَجاهِلٌ يَتَحَلَّمُ

وَكِلاهُما تَعِبٌ يُحارِبُ شيمَةً

غَلَبَت فَآضَ بِحَربِها يَتَأَلَّمُ

فَاِلزَم ذَراكَ وَإِن تَشَعَّثَ جُدرُهُ

فَالعِسُّ قَد يَرويكَ وَهوَ مُثَلَّمُ