تبدى هلال السعد من مطلع النصر

تَبدّى هِلالُ السَعدِ مِن مَطلَعِ النَصرِ

وَلاحَت بُروقُ المَجدِ مِن عَلَمِ الفَخرِ

فَمِن هِمَمٍ أَضحى الثُريّا لَها ثرىً

وَمِن عَسكَرٍ يَقتادُهُ رائِدُ النَصرِ

مَقامُ مُلوكِ الأَرضِ مِن سَطَواتِهِ

مَقام بُغاثِ الطَيرِ مِن مِخلَبِ الصَقرِ

فَهُم شاخِصو الأَبصارِ نَحوَ جَلالِهِ

يَخِرّونَ لِلأذقانِ تَحتَ يَدِ القَهرِ

فَمن لم يَنَلهُ فَيلَقٌ مِن كُماتِهِ

أحَلَّ بِهِ مِن قَبلِهِ فَيلَقُ الذُعرِ

فَما دونَ أن يُعطوا الإِنابَةَ مَنزِلٌ

لَهُم غَيرَ بَطنِ الوَحشِ أَو حَوصَلِ الطَيرِ

وَتَركُهُمُ صَرعى بِكُلِّ تَنوفَةٍ

سُكارى بِكاساتِ المَنِيَّةِ لا الخَمرِ

فَكَم فلَّ غَربَ الروم سيفُ انتِقامِهِ

وَطافَ عَلَيهِم طائِفُ القَتلِ وَالأسرِ

وَكَم سَربَلَ الأَبطالَ في حَومَةِ الوَغى

مَجاسِدُ مِن نَسجِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ

فَناحَت عَلَيهِم كُلُّ غَيداءَ طَفلَةٍ

تُفيضُ عَلَيهِم واكِفَ الأَدمُعِ الحمرِ

فَهَل خابَ سَعيُ السودِ أَو فالَ رَأيُها

وَهَل قاوَمَت في زَعمِها عاصِفَ القَسرِ

رَعَوا حِقبَةً رَعيَ الهُدونِ وَأغفَلوا

عَواقِبَ ما يَأتي بِهِ طارِقُ الدَهرِ

فَما راعَهُم إِلّا طَلائِعُ عَسكَرٍ

تُزَجّي بِأُسدِ الغابِ دامِيَةَ الظُفرِ

عَلَيهِم قَتامٌ يَشهَدُ اللَيلُ أَنَّهُ

هُوَ اللَيلُ وَالخِرصانُ فيهِ سَنى الزَهرِ

وَجُردٍ كَأسرابِ القَطا ضُمَّرِ الحَشا

يَنَلنَ المَدى لَو أَنَّهُ قُنَّةُ النَسرِ

تُشَدُّ بِزَغفٍ مُسبَلاتٍ كَأَنَّها

مُسَرَّدَةُ الأَرجاءِ مِن نُقَطِ القَطرِ

فَكَم رايَةٍ قَد ظَلَّلَتها كَأَنَّها

قُدامى عُقابٍ قَد ثَنَتها إِلى الكَسرِ

يُسَدِّدُها المَنصورُ فَهيَ سَحائِبٌ

تَجودُ العِدى بِالحَتفِ مِن وَبلِها الغَمرِ

فَلا وَزَرٌ مِن بَأسِهِ غَيرُ حِلمِهِ

فَناهيكَ مِنهُ قابِلَ التَوبِ وَالعُذرِ

وَناهيكَ مِن طَلقِ الجَبينِ كَأَنَّما

أَسِرَّتُهُ مِنها استُعيرَ سَنى البَدرِ

إِلى خُلُقٍ لَو كانَ لِلطَّيبِ نَشرُها

لَما اِنتَسَبَ الطيبُ الذَكِيُّ إِلى الشِحرِ

كَذا خُلُقٌ مَهدِيَّةٌ عَلَوِيَّةٌ

تَوارَثَها الغُرُّ الكِرامُ عَنِ الغُرِّ

يَقَرُّ بِكَ المَهدِيُّ عَيناً وَقَبلَهُ ال

وَصِيُّ بِما أَعقَبتَ مِن طيِّبِ الذِكرِ

بِمَن لَو رَمى صِفّينَ يَومَ جِلادِهِ

لَحَلَّت بِجَيشِ الشامِ فاقِرَةُ الظَهرِ

لِيَهنِهِ مُلكُ الأَرضِ مَوطودَةً لَهُ

سَيُنتَظَمُ السوسُ القَصيُّ إِلى النَهرِ

فَما دونَ دَربِ الشامِ إِلّا اِلتِفاتَةٌ

وَما دونَ بَغدادِ العِراقِ سِوى فِترِ

فَإِن حاوَلَ الأَعداءُ مِنها اِعتِصامَها

بِبُعدٍ فَقَد راموا المُحالَ مِنَ الأَمرِ

فَلَو أَنَّهُم حَلّو السِماكَينِ مَنزِلاً

لَباتَ الرَدى مِن خَلفِهِم دائِماً يَسري

وَلَو نازَلَ البَحرَ المُحيطَ بعَزمَةٍ

لَعادَت يَباباً بَعدَها لُجَجُ البَحرِ

نِجارُكَ خَيرُ العالَمينَ وَرِثتَهُ

فَناهيكَ مِن إرثٍ وَناهيكَ مِن نَجرِ

فَلا زِلتَ مَنصورَ اللِواءِ مُظَفَّراً

وَدامَت بِكَ الأَيّامُ واضِحَةَ البِشرِ

فَلا نِعمَةً إِلّا ومِنكُم مَنالُها

وَلا عُرفَ إِلّا مِن نَدى كَفِّكُم يَجري