أسرى فسر الطيف سرا

أسرى فسرَّ الطيفُ سِراً

مِن مغرمٍ اضناه هَجْرا

منعَ التزاور ثمَّ قوَّى

منه لمّا زارَ أزرى

وافى فكم جَلَبَتْ

زيارتُه له جَذَلاً وبِشرا

فأعادَهُ حيّاً وكانَ

أماتَه التفريقُ أدهرا

أغرى السَّقامَ بجسمهِ

زمناً وكانَ العَطْفُ أحرى

جذبَ الهوى بزمامِه

فانقادَ للأهواءِ قَسْرا

لا يستفيقُ مِنَ الهوى

وغرامِه ما عاشَ سُكْرا

قد طاوعَ الخمرينِ لا

يَعصيهما نهياً وأَمْرا

قهراً أطاعَهُما وسلطانُ

الغرامِ يطاعُ قَهْرا

والحبُّ ما اصبحتَ

نحوَ مَرادِهِ تنقادُ جَبرا

مَن كانَ في أَسْرِ الصَبابةِ

أين يرجو عنه مَسْرى

عُلَقُ الفؤادِ تردُّه

بالرغمِ أن رامَ المفرّا

يصبو فيتبعُه على

عِلاّتِه سِرّا وجَهْرا

ألِفَ المحبَّةَ فاغتدى

جَلْدا عليها واستمرّا

ما كانَ جَلْداً قبلما

قتلَ الهوى عِلماً وخُبْرا

لكنْ أفادَتْهُ التجاربُ

حُنْكَةٌ منها وصَبرا

آهاً على الزمنِ الذي

أطريتُه حمداً وشكرا

زمنِ العُذَيبِ لقد اجدّ

لقلبيَ الولهانَ ذِكْرا

تَذكارُ سالِف عصرهِ

منعَ المتيَّمَ أن يَقَرا

وحمى الجفونَ عنِ المنامِ

ومَنْ أحبَّ فكيفَ يكرى

ميقاتُه وزمانُه

كم أوسَعا المشتاقُ عُذرا

عينٌ مسهَّدَةٌ وعينُ

الحبَّ ما تنفكُ سَهرى

ترعى النجومَ كأنَّما

أمسى عليها النومُ حِجْرا

مَنْ غابَ عنها بدرُها

بعدَ الطلوعِ أو استسرّا

لا غروَ أن تُمسي مِنَ

البينِ المشتَّتِ وهي عَبرى

بردُ النسيم وقد تنسَّمَ

زادَ حرَّ جوايَ حرّا

يُهدي اليَّ مِنَ الأحبَّةِ

نشرُه المحبوبُ نَشرا

فكانَّ ليلى اودَعَتْهُ

وقد سرى بالعَرْفِ عِطْرا

بانَ الأحبَّةُ عن زَرودَ

فعادَ حلْوَا العيشِ مُرّا

وغدرنَ بالدنِفِ الكثيبِ

وما نوى بيناً وغدرا

ما كانَ يأمُلُ بعدَهنَّ

واِنّما الافَاتُ تَطْرا

كم غيَّبَتْ عنه الهوداجُ يومَ بانَ الحيُّ بَدرا

هل تُبْلِغَنْهُ الداَر ذعْلِبَةٌ

تكادُ تطيرُ ذُعرا

تشأى النعامَ فهنَّ في

آثارها والريحُ حَسْرى

كم قصَّرتْ عنها فحول

الُبزْلِحينَ تؤمُّ قَفْرا

ووقفنَ دونَ لحاقِها

يُبدينَ جَرْجَرةً وهَدْرا

كشقاشقِ الشعراءِ

لما فتُّهُمْ نظماً ونثرا

وردوا مذانبَ مائهِ

وَوَرَدْتُ ماءَ الفَضْلِ بَحْرا

فأَتَوا بُمخْشَلَبِ الكلامِ

فظنَّهُ الجُهّالُ دُرّا

وأتيتُ بالِّسحْرِ الحَلالِ

وخيُره ما كانَ سِحْرا