أعيدوا حديث الظاعنين على سمعي

أعيدوا حديثَ الظاعنينَ على سمعي

اِذا شئتمُ مِن دونِ أهلِ الورى نفعي

واِلاّ فخلُّوني وما شاءَ هُ الهوى

فما ضاقَ يوماً عن معاناتِه ذَرْعي

وخلُّوا المطيَّ الهوجَ تبتدرُ الفلا

فاِنْ ظمئتْ فيها المطايا فها دمعي

مدامع قد أضحت على كل حادث

موزعة حتى على العيس والربع

واِنْ لمعَ البرقُ الحِجازيُّ شاقني

تألقُّهُ ما بين خَبْتٍ إلى جَمْعِ

تألَّقَ خفّاقَ الوميضِ كانَّه

فؤادي وقد سارَ الأحبَّةُ عن سَلْعِ

فأجرى وأذكى جاحمَ الشوقِ لمعُه

دموعي وما بين الجوانحِ مِن لَذْعِ

فللّهِ ايماضُ البروقِ كأنَّها

قواضبُ شيمتْ تحت ليلٍ مِنَ النقعِ

ومشمّا شجاني في الظلامِ ابنُ دوحةٍ

يُغَنَّي مِنَ الباناتِ شوقاً على فرعِ

فهمتُ بتسجيعِ الحمامةِ سُحرةً

وكلُّ أخي وجدٍ يَحِنُّ إلى السجعِ

وأحسستُ مِن ذاكَ التغرُّدِ في الحشا

لذكرِ الحمى لَسْعاً أشدَّ مِن اللَّسعِ

فمَنْ لي به والعيسُ في الآلِ ترتمي

بنا نحوَهُ ما بين خفضٍ إلى رفعِ

وتلكَ المطايا الخُوصُ في غَمَراتِه

مِن الضُّمرِ كلٌّ في العَساقيلِ كالنَّسْعِ

تؤمُّ بنا ماءَ العُذَيبِ وأهلَهُ

اِذا عاقَها الشوقُ المطاعُ عن الجِزعِ

فيا حارِ هل عاينتَ ناراً على الحمى

بدتْ لكَ وهناً أم رأيتَ سنا لمعِ

وهل نفحتْ عن منحنى البانِ نفحةٌ

ففزتَ بما فيها للمياءَ مَنْ رَدْعِ

فعينايَ في شُغْلٍ بفائضِ دمعِها

وقد نَثَرَتْهُ مِن فُرادى ومِن شَفْعِ

ومِن عجبٍ أنَّي اُريدُ عليهما

معيناً ومَن بُعدي على العينِ والدمعِ

ومَنْ ذا الذي مِن بعدِ جيرانِ حاجرٍ

يحاولُ صدَّي أو يَعِنَّ له منعي

وغيرُ عجيبٍ أن جَزِعتْ وقد سرتْ

حمولُهمُ تأتمُّ نجداً ولا بِدْعِ

بلاداً بها جادَ الزمانُ بقربِهمْ

عليَّ ولم يجنحْ إلى البُخْلِ والمَنْعِ

لئن سارَ مَنْ أهوى وسارتْ برحلهِ

مُضبَّرةُ المتنينِ مَوّارةُ الضَّبْعِ

لارتحلنَّ العيسَ بُدْناً توامِكاً

اِذا كان شملُ الوصلِ آلَ إلى صَدْعِ

وأتركُنها وهي التوامكُ سُهَّماً

تروحُ على أينٍ وتغدو على ظَلْعِ

الى أن يعودَ الشملُ بعدَ انصداعِه

وبعدَ فراقِ الظاعنينَ إلى جَمْعِ

وأُنشِدُ أشعاراً براهنَّ فاغتدتْ

كما أشتهيهِ جودةُ الفكرِ والطبعِ

قريضاً له في كلَّ عقلٍ خديعةٌ

ومُعجِبُه ما كان ضرباً مِنَ الخضدْعِ

قلائدُ أشعارٍ أُنضَّدُ دُرَّها

اِذا نضَّدَ الأقوامُ شِعراً مِنَ الوَدْعِ

نظيمٌ غدتْ ألفاظُه وهي نُصَّعٌ

مُبرأةٌ مما يَشينُ مِنَ القَرْعِ

يقولُ رجالٌ يسمعونَ بديعَهُ

لعمرُكَ ما في الطوقِ هذا ولا الوَسْعِ

لها في نفوسِ الناسِ وقعٌ إذا غدا

قريضُ أناسٍ وهو مُسْتَضْعَفُ الوَقْعِ