كم رضت جامح قلبي عنكم فأبى

كم رضتُ جامحَ قلبي عنكمُ فأبى

وكانَ ذاكَ لا فرطِ الهوى سببا

غالبتُه ودواعي الشوقِ تُسمِعُني

خوفُ الفراقِ ولكنْ وجدُه غَلَبا

وكنتُ أعهدُهُ مِنْ قبلِ حبَّكمُ

يُطيعُني فمتى عاتبتُه انعتَبا

لم يتركِ الوجدُ لي لمّا هويتُكمُ

في سائرِ الناسِ تأميلاً ولا أربَا

يا مُخجلي الشمسَ كم أنضبتُ بعدكُمُ

نُجْباً مُزَمَّمةً لا تَعْرِفُ اللَّغَبا

يحدو لها وهي في البيداءِ جانحةٌ

حادٍ إذا زِدنَ وجداً زادها طَرَبا

تطوي الفيافي وما أنفكُّ أُوسِعُها

سوقاً يُكلَّفهنَّ النصَّ والخَبَبا

رواقلاً في عُبابِ الآلِ تحسبُها

قَطاً سِراعاً إلى أورادِها سُرُبا

يا مُرخصي الدمعَ هذى الورقُ ساجعةٌ

في البانِ تُظهِرُ مِن تطريبها عَجَبا

تنوحُ والصبحُ في أثناءِ شَمْلَتِهِ

والريحُ قد حرَّكتْ مِن قُضْبِهِ العَذَبا

فكلَّما رَدَّدَتْ في الأيكِ عُجمتَها

على ضِرامِ غرامي زِدنَهُ لَهبَا

أحبابَنا كيف لا تُرعى محافظتي

لودَّكمْ وهي قد صارتْ لنا نَسَبا

أرومُ عودكمُ والبينُ معترِضٌ

بيني وبينكمُ يستغرقُ الحُقُبا

حمَّلتموني ما لو أن أيسرَهُ

يُمنى به حَضَنٌ لاندكَّ أو كَرَبا

بنتمْ فلا مقلتي تَرْقا مدامعُها

بعدَ الرحيلِ ولا وجدي بكم عَزَبا

الحالُ ما حالَ والأشواقُ ما برحتْ

كما عهدتمْ وحبلُ الوجدِ ما انقضبا

وفي الهوادجِ والأظعانِ بدرُ دجًى

يروعُني سافراً منه ومُنتقبا

اِذا وصفتُ له وجدي على ثقةٍ

بأنْ يُريحَ فؤادي زادَهُ تَعَبا

يا بينُ هلاّ تردُّ العيسَ حاملةً

على غواربهنَّ الجيرةَ الغُيُبا

مِن كلَّ غانيةٍ بيضاءَ حاليةٍ

ممكورةٍ تَخِذَتْ مِن صونِها حُجُبا

ضنَّتْ بزُوْرِ مواعيدٍ تريحُ بها

قلباً اليها على علاّتِها انجذبا

وجشَّمتْنَي جوبَ البيدِ طامسةً

يلقى الخيالُ إذا ما جاسَها نَصَبا

أحثُّ فيها علنداءً هملَّعةً

تفلي الفلاةَ إلى أبياتِها طَلَبا

أرومُ منها على بُخلٍ بها شَنَباً

بَذلْتُ فيه لها قبلَ النوى النَّشَبا

يا عاذلَ الصبَّ في دمعٍ يرقرقُهُ

بعدَ الخليطِ على شملٍ قد انشعبا

لا تعذليهِ فهذا الدمعُ بعدَهمُ

يُقضَى به مِنْ حقوقِ الربعِ ما وَجَبا

ربعٌ ينوحُ على سكانهِ فاِذا

ما كظّهُ الشوقُ في أطلالهِ انتحبا

وما الغمامُ مُلِثَّ القطرِ منبجساً

يوماً بأغزرَ مِن دمعي إذا انسكبا

كلاّ ولا البرقُ قد طارتْ شرارتُه

ليلاً بأضرمَ مِن وجدي إذا التهبا

تكادُ تُحْرِقُ أنفاسي الربوعُ وقد

أثارَ عنها حُداةُ الجيرةِ النُّجُبا