مغاني الهوى لم يبق إلا رسومها

وقال أيضاً:

الطويل

مغاني الهوى لم يبقَ إلا رسومُها

سقاها مِنَ السُّحْبِ الغوادي هزيمُها

منازلُ أستسقى الدموعَ لتربِها

سِجاماً إذا الأنواءُ ضَنَّتْ غيومُها

طربتُ وقد لاحتْ بوارِقُ مزنةٍ

حِجازيةٍ عنها فبتُّ أَشيمُها

تُذَكَّرُني وجداً تقادمَ عهدُهُ

وأطْرَُب ذكرى العاشقينَ قديمُها

وعيشاً تولَّى في ذُراها زمانُهُ

وما هذه الدنيا بباقٍ نعيمُها

ليَ اللهُ مِن قلبٍ يهيمُ صبابةً

اِذا هبَّ عن بالي الطلولِ نسيمُها

يَحِنُّ إلى أوطانِها ويَزيدُه

بها شغفاً أوطارُ نفسٍ يرومُها

لياليَ أهدتْ لي عيونُ ظِبائها

سقاماً أعادَ الصبَّ وهو سقيمُها

فلو سُقِيَتْ تلكَ البلادُ مدامعي

لأَمْرَعَ مِن تَساكبهنَّ هشيمُها

وما عَنَّ ذكرُ الحبَّ إلا حسبتَني

نزيفاً سقاهُ الراحَ صِرْفا نديمُها

ولم يُبْقِ منّي الوجدُ إلا حُشاشةً

بنارِ الهوى والشوقِ يصلَى صميمُها

فيا ليلَ مالي قد سهِرُت ليالياً

لبعدكِ حتّى قد رَثَى لي بهيمُها

أمِنْ طربٍ ما نالني أم صبابةٍ

مِنَ الشوقِ يسري في حشايَ أليمُها

فهل تُبْلِغَنّي الدارَ وجناءُ حُرَّةٌ

يُبيدُ الفيافي وخدُها ورسيمُها

ينازِعُني فضلَ الزَّمامِ نشاطُها

الى أربُعٍ قد كنتُ فيها أَسيمُها

تزيدُ ولوعاً بالذميلِ إذا رأتْ

غراميَ في المَوماةِ وهو غريمُها

تؤمُّ بي المرمى البعيدَ كأنَّما

يَخُبُّ برحلي في الفلاةِ ظليمُها

لئن وَصَلَتْ نجداً ولاحتْ لعينِها

ذُرَى الهَضَباتِ البيضِ زالتْ غمومُها

واِنْ نفحتْ ريحُ الصَّبا مِن بلادِها

على الكَبِدِ الحَرَّى تَجَلَّتْ همومُها

يَقَرُّ بعيني أن أشيمَ بروقَها

ويسرحَ في تلكَ الخمائلِ ريمُها

خمائلُ يُصيبني ذكيُّ عَرارِها

اِذا فاحَ ما بينَ الرياضِ شَميمُها

ويَشْغَفُ قلبي أن يفيضَ جِمامُها

ويُصبِحَ رَيّانَ النباتِ جميمُها

هنالكَ تَخْدي بي وبالركبِ أينُقٌ

تُقَصَّرُ عما تنتحيهِ قرومُها

تواصلُ اِغذاذَ الرسيمِ على الوجَا

مطيٌّ تراهُ خَلَّةً لا تريمُها

تَضِلُّ فأهديها وهيهاتَ أن تَرَى

مُضَلَّلَةً تهوي ومثلي زعيمُها

وقفنا عى نُؤْيِ الربوعِ وعيسُنا

تَشكَّى صَداها في الخزائمِ هيمُها

فكم ليلةٍ فوقَ الرحالِ قطعتُها

تُساهِمُني طولَ السُّهادِ نجومُها

اِذا نامَ عن ليلِ المطالبِ عاجزٌ

وخالَ كراهُ نعمةً يستديمُها

فمانامَ يقظانٌ أثارَ مطيَّهُ

الى المجدِ تسري بالجَحاجِحِ كومُها

لعمريَ لم يبلغْ أخو العَجْزِ خُطَّةً

يؤمَّلُها ما دامَ حياً عظيمُها

اِذا ما جليلاتُ الأمورِ أرادَها

سِوى كُفْئها عَزَّتْ وخابَ لئيمُها

وكيف ينالُ النَكْسُ غايةَ سؤْلِهِ

ويَعْجِزُ عن نيلِ المعالي حميمُها

أبى الله إلا أن يعودَ مخيَّباً

اِذا رامَها دونَ البرايا ذميمُها

وما الفخرُ إلا رتبةٌ ما ينالُها

على خبثهِ الطبعُ الدنيُّ رنيمُها

اِذا طاولتني بالقريضِ عِصابةٌ

أقرَّتْ على كرهٍ بأنَّي عليمُها

أحوكُ بروداً مابدا لي نظيمُها

لدى معشرٍ إلا وخرَّ نظيمُها

قصائدَ كالمخدومِ تبدو واِنْ بدا

لغيريَ شِعرٌ قيلَهذا خديمُها

سأبعثُها تحكي الرياضَ أنيقةً

يوشَّعُها لفظي فَتُصبي رقومُها

واِنْ غبطَتْني الفضلَ والعقلَ أُمَّةٌ

فمَنْ ذا على ما كانَ منها يلومُها

وما قصَّرَتْ بي عن مَدَى الشَّعرِ هِمَّةٌ

فَتُحوِجَني أرعى دَعّياً يضيمُها