آذن اليوم جيرتي بارتحال

آذَنَ اليَومَ جيرَتي بِاِرتِحال

وَبَينٍ مُوَدَّعٍ وَاِحتِمالِ

وَاِنتَضَوا أَينُقَ النَجائِبِ صعراً

أَخَذوها بِالسَيرِ في الإِرقالِ

وَعَلَوا كُلَّ عَيهَمٍ دَوسَرِيٍّ

أَرحَبِيٍّ يَبُذُّ وُسعَ الجِمالِ

فَكَأَنَّ الرِياضَ أَو زُخرُفَ المِج

دَلِ مِنها عَلى قُطوعِ الرِحالِ

عَدَلوا بَينَها وَبَينَ عِتاقٍ

مُقرَباتٍ تُصانُ تَحتَ الجِلالِ

فَهيَ قُبٌّ كَأَنَّهُنَّ ضِراءٌ

كَقِداحِ المُفيضِ أَو كَالمَغالي

خَرَجوا أَن رَأوا مَخِيلَةَ غَيثٍ

مِن قُصورٍ إِلى رِياضِ أُثالِ

يَومَ بانوا بِكُلِّ هَيفاءَ بِكرٍ

وَرَداحٍ وَطِفلَةٍ كَالغَزالِ

بَكَراتٌ أُدمٌ أَصَبنَ رَبيعاً

أَو ظِباءٌ أَو رَبرَبٌ في رِمالِ

فَهيَ بِيضٌ حُورٌ يُبَسِّمنَ عَن غرْ

رٍ وَأَنيابُهُنَّ شَوكُ السِيّالِ

جاعِلاتٌ قُطفاً مِنَ الخِزِّ وَالبا

غِزِ حَولَ الظِباءِ فَوقَ البِغالِ

جازِئاتٌ جَمَعنَ حُسناً وَطيباً

وَقَواماً مِثلَ القَنا في اِعتِدالِ

غَصَّ مِنها بَعدَ الدَماليجِ سورٌ

وَالخَلاخيلُ وَالنُحورُ حَوالِ

فَكَأَنَّ الحُلَيَّ صِيغَت حَديثاً

يَتَأَلَّقنَ أَو جَلاهُنَّ جالِ

فَوقَ صُفرٍ تَدَمَّجَت في عَبيرٍ

مُخطِفاتِ البُطونِ مِيثَ النَوالي

لُثنَ خُمراً عَلى عَناقيدِ كَرمٍ

يانِعاتٍ أُتمِمنَ في إِكمالِ

فَهيَ تُبدي طَوراً وَتُخفي وُجوهاً

كُلُّ وَجهٍ أَغَرُّ كَالتِمثالِ

كَالدُمى حُسنُهُنَّ أَربى عَلى الحُس

نِ وَيُضعِفنَ في تُقىً وَجَمالِ

لا بِساتٌ غَضَّ الشَبابِ جَديداً

مُثقِلاتٌ تَنوءُ بِالأَكفالِ

جاعِلاتٌ مِن الفِرِندِ دُروعاً

وَالجَلابيبُ مِن طَعامِ الشَمالِ

يَتَأَزَّرنَ بِالمُروطِ مِن الخِزْ

زِ وَيَركُلنَها بِسوقٍ خِدالِ

فَإِذا ما مَشَينَ مالَت غُصونٌ

مِلنَ نَحوَ اليَمينِ بَعدَ الشِمالِ

يَتَقَتَّلنَ لِلحَليمِ مِنَ القَو

مِ فَيَسبِينَهُ بِحُسنِ الدَلالِ

وَإِذا ما رَمَينَهُ جانِبِيّاً

أَو عَشيراً أَقصَدنَهُ بِالنِبالِ

وَلَقَد قُلتُ يَومَ بانوا بِصَرمٍ

كَيفَ وَصلي مِن لا يُجِدُّ وِصالي

وَإِذا ما اِنطَوى أَخٌ لِيَ دوني

فَجَديرٌ إِن صَدَّ أَن لا أُبالي

كُلُّ ما اِختَصَّني بِهِ اللَهُ رَبّي

لَيسَ مِن قُوَّتي وَلا بِاِحتِيالي

لَو أُطيعُ الشَمُوعَ أَو تَعتَليني

زَلَّ حِلمي وَلا مَني عُذّالي

وَإِذا ما ذَكَرتُ صَرفَ المَنايا

كَاِدِّكارِ الحَزينِ في الأَطلالِ

كُلُّ عَيشٍ وَلَذَّةٍ وَنَعيمٍ

وَحَياةٍ تودي كَفيءِ الظِلالِ

كَفَّني الحِلمُ وَالمَشِيبُ وَعَقلي

وَنُهى اللَهِ عَن سَبيلِ الضَلالِ

وَأَرى الفَقرَ وَالغِنى بِيَدِ اللَ

هِ وَحَتفَ النُفوسِ في الآجالِ

لَيسَ ماءٌ يُروى بِهِ مُعتَفوهُ

واتِنٌ لا يَغورُ كَالأَوشالِ

قَد يَغيضُ الفَتى كَما يَنقُصُ البَد

رُ وَكُلٌّ يَصيرُ كَالمُستَحالِ

فَمُحاقٌ هذا وَهذا كَبيرٌ

بَعدَما كانَ ناشِئاً كَالهِلالِ

لَيسَ يَغني عَنهُ السَنيحُ وَلا البُر

خُ وَلا مُشفِقٌ زِمامَ قِبالِ

فَإِذا صارَ كَالبَلِيَّةِ قَحماً

هُوَ مَرُّ الأَيّامِ بَعدَ اللَيالي

وَكَسَتهُ السِنونَ شَيباً وَضَعفاً

وَطَوَت خَطوَهُ بِقَيدٍ دِخالِ

عادَ كَالضَبِّ في سِنينَ مُحولٍ

عادَ في جُحرِهِ حَليفَ هُزالِ

لَيسَ حَيٌّ يَبقى وَإِن بَلَغَ الكَب

رَةَ إِلّا مَصِيرُهُ لِزَوالِ

كُلُّ ثاوٍ يَثوي لِحينَ المَنايا

كَجَزورٍ حَبَستَها بِعِقالِ

إِن تَمُت أَنفُسُ الأَنامِ فَإِنَّ ال

لَهَ يَبق وَصالِحَ الأَعمالِ

كُلُّ ساعٍ سَعى لِيُدرِكَ شَيئاً

سَوفَ يَأتي بِسَعيِهِ ذا الجَلالِ

فَهُمُ بَينَ فائِزٍ نالَ خَيراً

وَشَقِيٍّ أَصابَهُ بِنَكالِ

فَوُلاةُ الحَرامِ مَن يَعمَلُ السو

ءَ عَدُوٌّ حَربٌ لِأَهلِ الحَلالِ

إِنَّ مَن يَركَبُ الفَواحِشَ سِرّاً

حينَ يَخلو بِسوءَةٍ غَيرُ خالِ

كَيفَ يَخلو وَعِندَهُ كاتِباهُ

شاهِدَيهِ وَربَهُ ذو المِحالِ

فَاِتَّقِ اللَهَ ما اِستَطَعتَ وَأَحسِن

إِنَّ تَقوى الإِلهِ خَيرُ الخِلالِ

وَإِذا كُنتَ ذا أَناهٍ وَحِلمٍ

لَم تَطِر عِندَ طَيرَةِ الجُهّالِ

وَإِذا ما أَذَلتَ عِرضَكَ أَودى

وَإِذا صِينَ كانَ غَيرَ مُذالِ

ثُمَّ قُل لِلمُريدِ حَوكَ القَوافي

إِنَّ بَعضَ الأَشعارِ مِثلُ الخَبالِ

أَثقِفِ الشِعرَ مَرَّتَينِ وَأَطنِب

في صُنوفِ التَشبيبِ وَالأَمثالِ

وَفلاةٍ كَأَنَّها ظَهرُ تُرسٍ

عُودُهُ واحِدٌ قَديمُ المِطالِ

حَومَةٍ سَربَخٍ يَحارُ بِها الرَك

بُ تَنوفٍ كَثيرَةِ الأَهوالِ

جُبتُ مَجهولَها وَأَرضٍ بِها الجِ

ن وَعِقدَ الكَثيبِ ذي الأَميالِ

وَعَدابٍ مِن رَملَةٍ وَدَهاسٍ

وَجِبالٍ قَطَعتُ بَعدَ جِبالِ

وَسُهوبٍ وَكُلُّ أَبطَحَ لاخٍ

ثُمَّ آلٍ قَد جُبتُ مِن بَعدِ آلِ

بِعُقامٍ أُجدٍ تَفَلَّجُ بِالسَرا

كِبِ عَنسٍ جُلالَةٍ شملالِ

عَيسَجورٍ كَأَنَّها عِرمِسُ الوا

دي أَمونٍ تَزيفُ كَالمُختالِ

فَإِذا هِجتُها وَخافَت قَطيعاً

خَلَطَت مَشيَها بِعَدوٍ نِقالِ

كَذَعورٍ قَرعاءَ لَم تَعلُ بَيضاً

ذاتِ نَأيٍ لَيسَت بِأُمِّ رِئالِ

خَدَّ في الأَرضِ مَنسِماها وَزَفَّت

ثُمَّ زَفَّت تَعدو بِزِفٍّ جُفالِ

فَهيَ تَهفو كَالرِمثِ فَوقَ عَمودَ ي

نِ عَلَتهُ مُسوَدَّةُ الأَسمالِ

وَهيَ تَسمو بِذي بَلاعِيمَ عُوجٍ

أَصقَعِ الرَأسِ كَالعَمودِ الطِوالِ

فَبِها كَالجُنونِ أَو طائِفِ الأَو

لَقِ مِن ذُعرِ هَيقَةٍ مِجفالِ

أَو كَجَأبٍ مُكَدَّمٍ أَخدَرِيٍّ

حَولَ أُتنٍ لَواقِحٍ وَحِيالِ

يَرتَمي الريحَ مِن سَماحيجَ قُبٍّ

بِنُسالٍ تَطيرُ بَعدَ نُسالِ

فَرَعاها المَصِيفَ حَتّى إِذا ما

رَكَدَ الخاطِراتُ فَوقَ القِلالِ

حَثَّها قارِحٌ فَجالَت جَميعاً

خَشيَةً مِن مُكَدَّمٍ جَوّالِ

فَهوَ مِنها وَهُنَّ قَودٌ سِراعٌ

كَرَقيبِ المُفيضِ عِندَ الخِصالِ

سَحرُهُ دائِمٌ يُرَجِّعُ يَحدو

ها مُصِرٌّ مُزايِلٌ لِلفِحالِ

فَإِذا اِستافَ عُوَّذاً قَد أَقَصَّت

ضَرَحَتهُ تَشِيعُ بِالأَبوالِ

وَكَأَنَّ اليَراعَ بَينَ حَوامٍ

حينَ تَعلو مَروٌ وَسُرجُ ذُبالِ

وَنَحاها لِلوِردِ ذاتُ نُفوسٍ

حائِماتٍ إِلى الوُرودِ نِهالِ

نَحوَ ماءٍ بِالعِرقِ حَتّى إِذا ما

نَقَعَت أَنفُساً بِعَذبٍ زُلالِ

عَرَفَ المَوتَ فَاِستَغاثَ بِأَفنٍ

ذي نَجاءٍ عَطِّ الحَنيفِ البالي

فَهوَ يُهوي كَأَنَّهُ حينَ وَلّى

حَجَرُ المَنجَنيقِ أَو سَهمُ غالِ

ذاكَ شَبَّهتُهُ وَصاحِبَةَ الزَفْ

ف قُلوصي بَعدَ الوَجا وَالكَلالِ

تَنتَوي مِن يَزيدَ فَضلَ يَدَيهِ

أَريَحِيّاً فَرعاً سَمينَ الفَعالِ

حَكَمِيّاً بَينَ الأَعاصي وَحَربٍ

أَبطَحِيَّ الأَعمامِ وَالأَخوالِ

أُمُّهُ مَلكَةٌ نَمَتها مُلوكٌ

وَهيَ أَهلُ الإِكرامِ وَالإِجلالِ

أُمُّها بِنتُ عامِرِ بنِ كُرَيزٍ

وَأَبوها الهُمامُ يَومَ الفِضالِ

تِلكَ أُمٌّ كَسَت يَزيدَ بَهاءً

وَجَمالاً يَبُذُّ كُلَّ جَمالِ

وَأَبوهُ عَبدُ المَليكِ نَماهُ

زادَ طولاً عَلى المُلوكِ الطِوالِ

فَهُوَ مَلكٌ نَمَتهُ أَيضاً مُلوكٌ

خَيرُ مِن يَحتَذي رِقاقَ النِعالِ

حالَفَ المَجدَ عَبشَمِيّاً إِماماً

حَلَّ داراً بِها تَكونُ المَعالي

أَريَحِيّاً فَرعاً وَمَعقِلَ عِزٍّ

قَصُرَت دونَهُ طِوالُ الجِبالِ

أُعطي الحِلمَ وَالعَفافَ مَع الجو

دِ وَرَأياً يَفوقُ رَأيَ الرِجالِ

وَحَباهُ المَليكُ تَقوىً وَبِرّاً

وَهوَ مِن سوسِ ناسِكٍ وَصّالِ

يَقطَعُ اللَيلَ آهَةً وَاِنتِحاباً

وَاِبتِهالاً لِلَّهِ أَيَّ اِبتِهالِ

راعَهُ ضَيغَمٌ مِن الأُسدِ وَردٌ

جا بِلَيلٍ يَهيسُ في أَدعالِ

تارَةً راكِعاً وَطوراً سُجوداً

ذا دُموعٍ تَنهَلُّ أَيَّ اِنهِلالِ

وَلَه نَحبَةٌ إِذا قامَ يَتلو

سُوَراً بَعدَ سورَةِ الأَنفالِ

عادِلٌ مُقسِطٌ وَميزانُ حَقٍّ

لَم يَحِف في قَضائِهِ لِلمَوالي

موفِيّاً بِالعُهودِ مِن خَشيَةِ اللَ

هِ وَمَن يَعفُهُ يَكُن غَيرَ قالِ

مُحسِنٌ مُجمَلٌ تَقِيٌّ قَوِيٌّ

وَهُوَ أَهلُ الإِحسانِ وَالإِجمالِ

لَيسَ بِالواهِنِ الضَعيفِ وَلا القَح

مِ وَلا مُودَنٍ وَلا تِنبالِ

تَمَّ مِنهُ قَوامُهُ وَاِعتِدالُ ال

خَلقِ وَالرَأيُ بِالأُمورِ الثِقالِ

وَهُوَ مَن يَعفُهُ يُنِخ بِكَريمٍ

يَلقَ جوداً مِن ماجِدٍ مِفضالِ

مِثلَ جودِ الفُراتِ في قُبُلِ الصَي

فِ تَرامى تَيّارُهُ بِالجُفالِ

فَهوَ مَغلولِبٌ وَقَد جَلَّلَ العِب

رَينِ ماءً يُفيضُهُ غَيرَ آلِ

فَإِذا ماسَما تَلاطَمَ بِالمَو

جِ جَوادٌ كَالجامِحِ المُستَشالِ

فَهوَ جَونُ السَراةِ صَعبٌ شَموسٌ

سارَ مِنهُ تَيّارُ مَوجٍ عُضالِ

كَبَّ مِن صَعنَباءَ نَخلاً وَدوراً

وَاِرتَمى بِالسَفينِ وَالمَوجُ عالِ

وَتَسامَت مِنهُ أَواذِيُّ غُلبٌ

كَفِحالٍ تَسمو لِغُلبِ فِحالِ

غَيرَ أَنَّ الفُراتَ يَنضُبُ مِنهُ

وَيَزيدٌ يَزدادُ جُودَ نَوالِ

وَهوَ إِن يَعفُهُ فِئامٌ شُعوبٌ

يَبتَدِ المُعتَفينَ قَبلَ السُؤالِ

وَيَذُد عَنهُمُ الخَلالَةَ مِنهُ

بِسِجالٍ تَغدو أَمامَ سِجالِ

فَإِذا أُبرِزَت جِفانٌ مِنَ الشِي

زى وَفيها سَديفُ فَوقَ المَحالِ

قَتَلَ الجوعَ وَالهُزالَ فَبادا

حينَ هَرَّ العُفاةُ شَحمَ المَتالي

كَأَنَّ التَرعيبَ فيها عَذارى

خالِصاتُ الأَلوانِ إِلفُ الحِجالِ