ألا طرقتنا بالقرينين موهنا

أَلا طَرَقَتنا بِالقَرينَينِ مَوهِناً

وَقَد حَلَّ في عَينَيَّ مِن سِنَتي غَمضي

سُلَيمى فَشاقَتني وَهاجَت صَبابَتي

بِطَرفٍ لَها ساجٍ وَذي أُشُرٍ بَضِّ

كَأَنَّ عَلى أَنيابِها بَعدَ هَجعَةٍ

صُبابَةَ ماءِ الثَلجِ بِالعَسَلِ الغَضِّ

فَلَمّا عَرَثنا يَنفَحُ المِسكَ جَيبُها

إِذا نَهَضَت كادَت تَميلُ مِنَ النَهضِ

عَرَضتُ عَلَيها أَن تُجِدَّ وِصالَنا

وَأَن تَبذُلَ المَعروفَ لَو قَبِلَت عَرضي

وَقُلتُ لَها كَيفَ اِدِّكاري غَريرَةً

مُبَتَّلَةً هَيفاءَ لَم تَقضِني قَرضي

لَها عَمَلٌ لَم تَجنِ فيهِ خَطيئَةً

تَقاضى بِهِ أَديانَها ثُمَّ لا تَقضي

فَلَمّا دَنا مِنها بَتاتٌ وَأَصبَحَت

بَعيداً وَلَم تَحلُل سَمائي وَلا أَرضي

فَقُلتُ لِمَن يَنهى عَنِ الوُدِّ أَهلَهُ

أَعاذِلَ أَفشي كُلَّ لَومِكِ أَو غُضّي

إِذا أَنا لَم أَنفَع صَديقي بِوُدِّهِ

فَإِنَّ عَدُوّي لَم يَضُرَّهُمُ بُغضي

أَلِينُ لِمَن صادَقتُ مِن حُسنِ شيمَتي

وَأَكحَلُ مِن عاديتُ بِالكُحُلِ المَض

وَلَيسَ ذَوو الأَضغانِ في كُلِّ كُربَةٍ

يَطيعونَ إِبرامي الأُمورَ وَلا نَقضي

وَإِنّي لَصَبّارٌ إِذا خُشِيَ الرَدى

وَلَم يَبقَ إِلّا كُلُّ ذي حَسَبٍ مَحضِ

وَأَضرِبُ رَأسَ الكَبشِ بِالسَيفِ بِالوَغى

إِذا ما اِعتَصَوا بِالبِيضِ بَعدَ قَناً رُفضِ

وَأَكشِفُ عَن صَحبي غَما الخَوفِ وَالرَدى

إِذا نُدِبَت خَيلُ الطَليعَةِ لِلنَفضِ

عَلى كُلِّ مَوّارٍ بِرَجعِ نُسورِهِ

يَرُضُّ الحَصى رَضّاً جَميعاً مَعَ القَضِّ

وَما عَزَّ أَقوامي تِلادي وَطارِفي

مِنَ المالِ في حَقِّ وَقَيتُ بِهِ عِرضي

وَأَقتُلُ جَهلَ المَرءِ بِالحِلمِ وَالتُقى

وَإِن رامَ قَرضي حالَ مِن دونِهِ قَرضي

وَأَشدَخُ هاماتِ الأَعداءِ بِوَطأَتي

وَلَستُ عَنِ الأَوتارِ ما عِشتُ بِالمُفضي

وَأَحلُمُ في شِعري فَلا أَنطِقُ الخَنا

وَيَدرَأُ عَنّي شِعرَ ذي الحِرَّةِ العِضِّ

مِنَ الشِعرِ سَمٌّ يَقتُلُ المَرءُ طُعمُهُ

كَما تَقتُلُ الصُمُّ الأَساوِدُ بِالعَض

وَمِنهُ غُثاءٌ لا يُفارِقُ أَهلَهُ

كَمِثلِ الحَرونِ لا يَكُرُّ وَلا يَمضي

وَيُعرَبُ أَقوامٌ وَيَلحَنُ مَعشَرٌ

مِراراً وَبَعضُ اللَحنِ أَكثَرُ مِن بَعضِ

يَزِلُّ الفَتى عَمّا يَقولُ لِسانُهُ

كَما زَلَّ مَن يَهوي عَنِ الزَلَقِ الدَحضِ

وَتيهٍ مَرَوَراة يَحارُ بِها القَطا

إِلى فَجِّ مَخشِيِّ المَهالِكِ ذي غَمضِ

كَأَنَّ عَلى قيعانِها مِن سَرابِها

رِياطاً نَقِيّاتِ المُتونِ مِنَ الرَحضِ

وَكَأَنَّ عَلى أَعلامِها وَإِكامِها

إِذا ما اِرتَدَت بِالآلِ أَردِيَّةَ المَحضِ

تَجاوَزتُ مِنها كُلَّ قُفٍّ وَرَملَةٍ

بِناجِيَةٍ أَطوي المَخارِمَ بِالرَكضِ

بَناها مِنَ الأَحماءِ أَكلاؤُها العُلا

وَما قَد أَصابَت في الشِتاءِ مِنَ العُضِّ

فَما زالَ سَيري يَنتَقي مُخَّ عَظمِها

وَأُعذِرُ مِنها في السَنامِ وَفي النَحضِ

مِنَ الجَهدِ حَتّى عادَ غَثّاً سَمينُها

رَذِيَّةَ أَسفارٍ أَضَرَّ مِنَ النَقضِ

إِذا أَحنَقَت أَدرَجتُ فَضلَ زِمامِها

فَجالَ عَلَيها الضَفرُ حَولاً مِنَ الغَرضِ

بِتِلكَ الَّتي أَقضي هُمومي وَبِغيَتي

إِذا رَضِيَ المَثلوجُ بِالطُعمِ وَالحَفضِ