إن الوليد أمير المؤمنين له

إِنَّ الوَليدَ أَميرَ المُؤمِنينَ لَهُ

حَقٌّ مِنَ اللَهِ تَفضيلٌ وَتَشريفُ

خَليفَةٌ لَم يَزَل يَجري عَلى مَهَلٍ

أَغَرُّ تَنمي بِهِ البِيضُ الغَطاريفُ

لا يُخمِدُ الحَربَ إِلّا رَيثَ يُوقِدُها

في كُلِّ فَجٍّ لَهُ خَيل مَسانيفُ

يَحوي سُبِيّاً فَيُعطيها وَيَقسِمُها

وَمن عَطّيتِهِ الجُردُ السَراعيفُ

أَخزى طُرَندَةَ مِنهُ وابِلَ بَرِدٌ

وَعَسكرٌ لَم تَقُدهُ العُزَّلُ الجوفُ

ما زالَ مَسلَةُ المَيمونُ يَحضُرُها

وَركنُها بِثِقالِ الصَخرِ مَقذوفُ

وَقَد أَحاطَت بِها أَبطالُ ذي لَجَبٍ

كَما أَحاطَ بِرَأسِ النَخلَةِ اللِيفُ

حَتّى عَلَوا سورَها مِن كُلِّ ناحِيَةٍ

وَحانَ مَن كانَ فيها فَهوَ مَلهوفُ

فَأَهلُها بَينَ مَقتولٍ وَمُستَلَبٍ

وَمِنهُمُ مُوثَقٌ في القِدِّ مَكتوفُ

يا أَيُّها الأَجدَعُ الباكي لِمَهلَكِهِم

هَل بَأسُ رَبِّكَ عَن مَن رامَ مَصروفُ

تَدعو النًصارى لَنا بِالنَصرِ ضاحِيَةً

وَاللَهُ يَعلَمُ ما تُخفي الشَراسيفُ

قَلَعتَ بِيعَتَهُم عَن جَوفِ مَسجِدِنا

فَصَخرُها عِن جَديدِ الأَرضِ مَنسوفُ

كانَت إِذا قامَ أَهلُ الدينِ فَاِبتَهَلوا

باتَت تُجاوِبُنا فيها الأَساقيفُ

أَصواتُ عُجمٍ إِذا قاموا بِقُربَتِهِم

كَما تُصَوِّتُ في الصُبحِ الخَطاطيفُ

فَاليَومَ فيهِ صَلاةُ الحَقِّ ظاهِرَةٌ

وَصادِقٌ مِن كِتابِ اللَهِ مَعروفُ

فيهِ الزَبَرجَدُ وَالياقوتُ مُؤتَلِقٌ

وَالكِلسُ وَالذَهَبُ العِقيانُ مَرصوفُ

تَرى تَهاويلَهُ مِن نَحوِ قِبلَتِنا

يَلوحُ فيهِ مِن الأَلوانِ تَفويفُ

يَكادُ يُعشي بَصيرَ القَومِ زِبرِجُهُ

حَتّى كَأَنَّ سَوادَ العَين مَطروفُ

وَفِضَّةٌ تُعجِبُ الرائينَ بِهجَتُها

كَريمُها فَوقَ أَعلاهُنَّ مَعطوفُ

وَقُبَّةٌ لا تَكادُ الطَيرُ تَبلُغُها

أَعلى مَحاريبها بِالساجِ مَسقوفُ

لَها مَصابيحُ فيها الزَيتُ مِن ذَهَبٍ

يُضيءُ مِن نورِها لُبنانُ وَالسِيفُ

فَكُلُّ إِقبالِهِ وَاللَهُ زَيَّنَهُ

مُبَطَّنٌ بِرُخامِ الشامِ مَحفوفُ

في سُرَّةِ الأَرضِ مَشدودٌ جَوانِبُهُ

وَقَد أَحاطَ بِهِ الأَنهارُ وَالريفُ

فيهِ المَثاني وَآياتٌ مُفَصَّلَةٌ

فيهِنَّ مِن رَبِّنا وَعدٌ وَتَخويفُ

تَمَّت قَصيدَةُ حَقٍّ غَيرَ ذي كَذِبٍ

في حَوكِها مِن كَلامِ الشِعرِ تَأليفُ

قَوَّمتُ مِنها فَلا زَيغٌ وَلا أَوَدٌ

كَما أَقامَ قَنا الخَطِّيِّ تَثقيفُ