ما الناس إلا في رماق وصالح

ما الناسُ إلّا في رِماقٍ وَصالِحٍ

وَما الدَهرُ إِلّا خِلفَةٌ وَدُهورُ

مَراتِبُ أَمّا البُؤسُ مِنها فَزائِلٌ

وَكُلُّ نَعيمٍ في الحَياةِ غُرورُ

الشَرُّ لا يَبقى وَلا الخَيرُ دائِمٌ

وَكُلُّ زَمانٍ بِالرِجالِ عَثورُ

مَتى يَختَلِف يَومٌ عَلَيكَ وَلَيلَةٌ

يَلُح مِنهُما في عارِضيكَ قَتيرُ

جَديدان يَبلى فيهما كُلُّ صالِحٍ

حَثيثانِ هذا رائِحٌ وَبَكورُ

وَأَعلَمُ أَن لا شَيءَ يَبقى مُؤَمَّلاً

خَلا أَنَّ وَجهَ اللَهِ لَيسَ يَبورُ

وَما الناسُ في الأَعمالِ إِلّا كَبالِغٍ

يُبَنّي وَمُنبَتُّ النِياطِ حَسِيرُ

فَمُستَلَبٌ مِنهُ رِياشٌ وَمُكتَسٍ

وَعارٍ وَمِنهُم مُترِبٌ وَفَقيرُ

وَباكٍ شَجاً وَضاحِكٌ عِندَ بَهجَةٍ

وَآخَرُ مُعطىً صِحَّةً وَضَريرُ

وَكُلُّ اِمرىءٍ إِن صَحَّ أَو طالَ عُمرُهُ

إِلى مِيتَةٍ لا بُدَّ سَوفَ يَصيرُ

يُؤَمِّلُ في الأَيّامِ ما لَيسَ مُدرِكاً

وَلَيسَ لَهُ مِن أَن يُنالَ خَفيرُ

وَإِنَّ نَماءَ الناسِ شَتّى وَرَرعُهُم

كَنَبتٍ فَمِنهُ طائِلٌ وَشَكيرُ

فَأَحكَمَني أَن أَقرَبَ الجَهلَ عِبرَةً

لَيالٍ وَأَيّامٌ مَضت وَشُهورُ

أُضاحِكُ أَعدائي وَآدو لِسُخطِهِم

وَقَد وَغِرَت مِنهُم عَلَيَّ صُدورُ

كَما رُبَّما حاوَلتُ أَمراً بِغَيرِهِ

فَأَدرَكتُهُ وَذو الحِفاظِ وَقورُ

وَأَكلُ لِئام الناسِ لحمي وَقَرصُهُم

وَنَجواهُمُ خَطبٌ عَلَيَّ يَسيرُ

فَأَنّ اِمرأً أَبدى الشَناءَةَ وَجهُهُ

فَإِنّي بِعَوراتِ العَدُوِّ بَصيرُ

رَمَيتُ فَأَقصَدتُ الَّذي يَستَنيصُني

بِغُرٍّ أَبَرَّت ما تَزالُ تعيرُ

وَأَعلَمُ لَحنَ القَولِ مِن كُلِّ كاشِحٍ

وَإِنّي بِما في نَفسِهِ لَخَبيرُ

أَلا رُبَّ ناهٍ عَنِ أُمورٍ وَإِنَّهُ

بِأَيِّ أُمورٍ مِثلِها لَجَديرُ

وَما الناسُ في الأَخلاقِ إِلّا غَرائِزٌ

كَما الشِعرُ مِنهُ مُصلِدٌ وَغَزيرُ

وَغُرٍّ كِرامٍ مُحصَناتٍ يَقودُها

لِمَنكَحِ لُؤمٍ ضَيعَةٌ وَمُهورُ

وَضَرُّكَ مَن عادَيتَ أَمرُ قِوايَةٍ

وَحَزمٍ وَضَرُّ الأَقرَبينَ فُجورُ

وَقِيلُكَ قَد أَبصَرتُ شَيئاً جَهِلتَهُ

لِذي حَنَقٍ عِندَ الحَمِيَّةِ بورُ

وَكَيفَ تُسِرُّ الفَخرَ في غَيرِ كُنهِهِ

وَفي أَنفُسِ الأَقوامِ أَنتَ حَقيرُ

وَكائِن تَرى مِن كامِلِ العقلِ يُزدَري

وَمِن ناقِصِ المَعقولِ وَهوَ جَهيرُ

وَمِنهُم قَصيرٌ رامَ مَجداً فنالَهُ

وَآخَرُ هَيقٌ في الحِفاظِ قصيرُ

وَمِن طالِبٍ حَقّاً بِفَحشٍ يَفوتُهُ

وَمُدرِكِهِ بِالحَقِّ وَهوَ سَتيرُ

وَمُنتَحِلٍ شِعراً سِواهُ يَقولُهُ

وَقائِلِ شِعرٍ لا يَكادُ يَسيرُ

وَقَد يَصبِرُ المِهلاعُ لا بُدَّ مَرَّةً

وَيَجزَعُ صُلبُ العودِ وَهوُ صَبورُ

وَإِنّي لَأَبري العِيسَ حَتّى كَأَنَّها

مِنَ الجَهدِ مِن طَيِّ التَنائِفِ عَورُ

وَأَكتُمُ سِرَّ النَفسِ حَتّى أُمِيتَهُ

وَلَيسَ لِمَن يُحيي السَريرَ ضَميرُ