أيا راكبا إما عرضت فبلغن

أيَا رَاكِباً إمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ

تَمِيماً وَهَذَا الْحَيَّ مِنْ غَطَفَانِ

فَمَا لَكُمُ لَوْ لَمْ تَكُونُوا فَخَرْتُمُ

بإِدْرَاكِ مَسْعَاةِ الْكِرَامِ يدَانِ

وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيْنِ رِجْلِ سَوِيَّةٍ

وَرِجلٍ بهَا رَيْبٌ مِنَ الْحَدَثَانِ

فَأمَّا الَّتِي شُلَّتْ فَأزْدُ شَنُوءَةٍ

وَأَمَا التِي صَحًّتْ فأزْدُ عُمَانِ

وَنَجَّى ابْنَ حَربٍ سابِحٌ ذُو عُلالَةٍ

أجَشُّ هزِيمٌ والرّمَاحُ دوَانِ

مِنَ الاعْوَجِيّاتِ الطِّوَال كَأنَّهُ

عَلَى شَرَفِ التَّقْرِيبِ شَاهُ إيرَانِ

شَدِيدٌ عَلى فَأسِ اللِّحَام شَكِيمُهُ

يُفَرّجُ عَنْه الرَّبْوَ بِالْعَسَلاَنِ

كَأنَّ عُقَاباً كَاسِراً تَحْتَ سَرْجِهِ

تُحَاوِل قُرْبَ الْوَكُرِ بِالطَّيَرَانِ

سَلِيمُ الشَّظَا عَبْلُ الشَّوَى شَنِجُ النَّسَا

أقَبُّ الْحَشَا مُسْتَطْلِعُ الرَّدَيَانِ

إذا قُلْتُ أطْرَافُ الْعَوالِي يَنَلْنَهُ

مَرَتْه بِهِ السَّاقَانِ والقَدَمَانِ

فأضْحَى ضُحى من ذِي صُبَاحٍ كأنَّهُ

وَإيَّاهُ رَامَا حُفْرَةً قَلِقَانِ

بِوِدّهِما لَوْ أصْبَحَا وَتَرَامَيَا

بِتَرْكِ التَّعَادِي إذْ هُمَا مَلِكَانِ

إذا ابْتَلَ بالمَاءِ الْحَمِيمِ رَأيْتَهُ

كَقَادِمَةِ الشُّؤْبُوبِ ذِي النَّفَيَانِ

كأنَّ جَنَابَيْ سَرْجِهِ وَلِجَامِهِ

إذا ابْتَلَّ ثَوْبا مَاتِحٍ خَضِلاَنِ

مِنَ الوُرْدِ أوْ أحْوَى كَأنَ سَرَاتَهُ

بُعَيْدَ جَلاءِ ضُرّجَتْ بِدِهَانِ

جَزاهُ بِنُعْمَى كَانَ قَدَّمَهَا لَهُ

وَكَانَ لَدَى الاسْطَبْلِ غَيْرَ مُهَانِ

مِكَرٌّ مِفَرٌّ مُدْبِرٌ مَعاً

كَتِيسِ ظِبَاءِ الْحُلَّبِ الْغَذَوَانِ

كَأنَّ بِمَنْهَى سَرْجِهِ وَقَطَاتِهِ

مَلاَعِبَ وِلدانِ عَلى صَفَوَانِ

حَسِبْتُمْ طِعَانَ الأشَعَرِينَ وَمَذْحِج

وَهَمْدَمَانَ أكْلَ الزبْدِ بالصّرَفَانِ

فَمَا قُتِلَتْ عَكٌّ وَلَخْمٌ وَحِمْيَرٌ

وَعْيلاَنُ إلاَّ يَوْمَ حَرْبِ عَوَانِ

وَمَا دُفِنَتْ قَتْلَى قُرَيشٍ وَعَامِرٍ

بِصِفّينَ حَتَّى حُكِّمَ الْحَكَمَانِ

غَشِيْنَاهُمُ يَوْمَ الْهَرِيرِ بِعُصْبَةٍ

يَمَانِيَّةٍ كالسَّيْلِ سَيْلِ عِرَانِ

فأصْبَحَ أهْلُ الشَّامِ قد رَفَعُوا الْقَنَا

عَلَيْهَا كِتَابُ اللهِ خَيْرُ قُرَانِ

وَنَادَوْا عَلِيَّا يا ابْنَ عَمّ مُحَمَّدٍ

أمَا تَتَّقِي أنْ يَهْلِكَ الثَّقَلاَنِ

فَمَنْ للذَّرَارِي بَعْدَها ونِسَائِنَا

وَمَنْ لِلْحَرِيمِ أيُّهَا الْفَتَيَانِ

أبَكِّي عُبَيْداً إذْ يَنُوءُ بِصَدْرِهِ

غَدَاةَ الْوَغَى يَوْمَ التَقَى الْجَبَلانِ

وَبِتْنَا نُبَكِّي ذَا الكُلاَعِ وَحَوْشَبَا

إذا مَا أنَى أنْ يُذْكَرَ الْقَمَرَانِ

وَمَالِكَ واللَّجْلاَجَ والصَّخْرَ والفَتَى

مُحَمَّداً قَدْ دَلَّتْ لَهُ الصَّدَفَانِ

فَلاَ تَبْعُُوا لَقَّاكُمْ اللهُ حَيْرَةً

وَبَشَّرَكُمْ مِنْ نَصْرِهِ بِجِنَانِ

وَمَا زَالَ مِنْ هَمْدَانَ خَيْلٌ تَدُوسُهُمْ

سِمَانٌ وَأُخْرَى غَيْرُ جِدّ سِمَانِ

فَقَامُوا ثَلاثاً يأكُلُ الطيْرُ مِنْهُمُ

عَلَى غَيْرِ نَصْفِ والأنُوف دَوَانِ

وَمَا ظَنَّ أوْلاَد الإمَاء بَنُو استْهَا

بِكُلّ فَتّى رِخْوِ النِّجَادِ يَمَانِ

فَمَنْ يَرَى خَيْلَيْنَا غَدَاةً تَلاقَيَا

يَقُلْ جَبَلاَ جَيْلاَنَ يَنْتَطِحَانِ

كَأنَّهُمَا نَارَانِ في جَوْفِ غَمْرَةٍ

بِلاَ حَطَبٍ حَدَّ الضحَى تَقِدَانِ

وَعَارِضَةٍ برَّاقَةٍ صَوْبُهَا دَمٌ

تَكَشَّفَ عَنْ بَرْقٍ لَهَا الأفُقَانِ

تَجُودُ إذَا جَادَتْ وَتَجْلَو إذَا انْجَلتْ

بِلُبْسٍ وَلاَ يَحْمَى لَهَا كَرَبَانِ

قَتَلْنَا وَأبْقَيْنَا وَمَا كُل مَا تَرَى

بِكَفّ المُذَرّي يأكُلُ الرَّحَيَانِ

وَفَرَّتْ ثَقِيفٌ فَرَّق اللهُ جَمْعَها

إلى جَبَلِ الزَّيْتُونِ والْقَطَرَانِ

كَأنِّي أرَاهُمْ يَطْرَحُونَ ثِيَابَهُمْ

مِنَ الرَّوْعِ والْخَيْلاَنِ يطَّرِدَانِ

فَيَا حَزَناً ألاَّ أكُونَ شَهِدتُهُمْ

فأدْهُنَ مِنْ شَحْمِ العبيد سِنَاني

وأَمَّا بَنُو نَصْرٍ فَفَرَّ شَرِيدُهُمْ

إلى الصَّلَتَانِ الخُورِ والعَجلاَنِ

وَفَرَّتْ تَمِيمٌ سَعْدُها وَرَبَابُهَا

إلى حَيْثُ يَضْفُو الْحِمْضُ والشَّبَهَانِ

وَصَدَّتْ بَنُو وِدّ صُدُوداً عَنِ القَنَا

إلى آبِلٍ فِي ذِلَّةٍ وَهَوَانِ