صرمتك جمرة واستبد بدارها

صَرَمَتكَ جَمرَةُ وَاِستَبَدَّ بِدارِها

وَعَدَت عَوادي الحَرب دونَ مَزارِها

زَبَنَتَك أَكانُ العَدَوِّ فَأَصبَحَت

أَجَأ وَجُبَّةَ مَن قَرارِ دِيارِها

وَكَأَنَّها دَقرى تَخَيَّلُ نَبتُها

أَنُفٌ يَغُمُّ الضالَ نَبتُ بِحارِها

عَزَبَت وَباكِرَها السَمِيّ بديمَةٍ

وَطفاءَ يَملَؤُها إِلى أَصبارَها

وَكَأَنَّ أَنماطَ المَدايِنِ وَسطَها

مِن نَورِ حَنوتِها وِمِن جِرجارِها

وَلَقَد لَهَوتُ بِطِفلَةٍ مَيّالَةٍ

بِلهاءَ تُطلِعُني عَلى أَسرارِها

عَبِقَ المَمسَكِ وَالعَبيرِ بِحُبِّها

وَكَأَنَّ نَضحُ دَمٍ عَلى أَظفارِها

وَكَأَنَّها عَيناء أُمُّ جُؤَيذِرٍ

خَذَلَت لَهُ بِالرَملِ خَلفَ صَوارِها

خَرِقٌ إِذا نامَ طافَت حَولَهُ

طَوفَ الكِعابِ عَلى جَنوبِ دُوارِها

بأغنَّ طِفلٍ لا تُصاحِبُ غَيرَهُ

فَلَهُ عُفافَةُ دَرِّها وَغِرارِها

هَل تَذكُرينَ جُزيتِ أَحسنَ صالِحٍ

أَيّامَنا بِمَليحَةٍ فَهرارِها

أَزمانَ لَم تَأَخُذ إِلَيَّ سِلاحَها

إِبِلي بَجِلَّتِها وَلا أَبكارِها

اِبتَزَّها أَلبانُها وَلُحومَها

فَأُهينُ ذاكَ لَضَيفِها وَلِجارِها

وَلرفقَة في لَيلَة مَشمولَةٍ

نَزَلَت بِها فَغَدَت عَلى آسارِها

كانوا يُسيمونَ المَخاضَ أَمامَها

وَيُعَزِّزونَ بِها عَلى أَغبارِها

وَلَقَد شَهِدتُ إِذا القِداحُ تَوَحَّدَت

وَشَهِدتُ عِندَ اللَيلِ مَوقِدَ نارِها

عَن ذاتِ أَولِيَةٍ أَساوُد رَيَّها

وَكَأَنَّ لَونَ المِلحِ فَوقَ شِفارِها

فَمَنحَتُ بَدأَتِها رَقيباً جانِحاً

وَالنار تَلفَحُ وَجهَهُ بِأَوارِها

كانَت عَقيلَةَ مالِهِ فَأَذِلُّهُ

عَن بَعضِ قيمَتِها رَجاءُ بِكارِها

حَتّى إِذا قَسَمَ النَصيبَ وَأَصفَقَت

يَدَهُ بِجِلدَةِ ضَرعِها وَحُوارِها

ظَهَرَت نَدامَتُهُ وَهانَ بِسُخطِهِ

شَيئاً عَلى مَربوعِها وَعِذارِها

وَلَقَد شَهِدَت الخَيلَ وَهيَ مُغيرَةٌ

وَشَهِدَتها تَعدو عَلى آثارِها

وَحَوَيتُ مَغنمها أَمامَ جِيادِها

وَكَرَرتُ إِذ طردَت عَلى أَدبارِها

وَلَقَد شَفَيتُ مِنَ الرِكابِ وَمَشيِها

وَزَفيفها نَفسي وَمِن أَكوارِها

وَكَأَنَّما اِنطَمَرَت جَنادِبُ حَرَّةٍ

في سَردِها فَرمتك عَن أَبصارِها