بكت وبكى من أجلها العقد والنحر

بَكَت وَبَكى مِن أَجلِها العقد وَالنَحر

فَتاة لَها مِن بَعد أَربعها عَشر

بَكَت مُذ رَأَت أَني عَزَمت عَلى النَوى

وَأَنتَ وَنَظم الدَمع في خَدها نَثر

وَمُذ أَيقَنت بِالجد مني تَعَلقت

بِثَوبي وَمِن أَردانِها يَعبق العطر

وَقامَت وَضَمتني إلى الصَدر ضَمة

لِصَدري بَدا مِن نار لَوعَتِها حر

وَقالَت إِلى أَين المَسير وَإنَّني

حَديثة عَهد فيكَ ما هَكَذا الهَجر

فَحانَت لِطَرفي عِندَ ذاكَ التفاتة

وَفي مُهجَتي مِن نار فرقتها جَمر

وَقُلت أَهَجراً مِن مُحب وَشَيق

يلذ لَهُ في حُبك النهي وَالأَمر

يُريد رَحيلاً وَالغَرام بِقَلبه

يُحاول ما لا تَفعل البيض وَالسُمر

وَلَكِنَّني يا بنت عَمرو بن مالك

كَرهت دياري حينَ لذ لي القَفر

سَأَقطع ظَهر البر للبر قاصِداً

وَأَركب لج البَحر كَي يَسمح البَحر

عَلى سابق طَرف يُسابق طَرفه

وَيَجري كَما تَجري بِسبسبها العفر

عَدا مثل ما يَعدو الظَليم وَلَم يرد

سوى الآل لا طل هُناكَ وَلا قَطر

تَمطيته وَاللَيل كَالبَحر مُظلم

سَفائنه الأَفلاك وَالأَنجُم الزُهر

رَمى صَخرة البَيداء حَتّى تَفَجرت

لَهُ أَعيُن مِنها وَما طلع الفَجر

وَطارَ كَما الوَرقاء حنت لِفَرخِها

دَعَتهُ بِلا زاد وَقَد سَقَط الوكر

فَقُلت لَهُ مَهلاً رويدك إنَّها

مَهامه عَن إِدراكها يقصر النسر

فَنادى معاذ اللَه أَن أترك السرى

لِدار إِذا ما جئتها ثبت الأَجر

وَإِني لتهديني إِلى الربع نَفحة

سَرَت مِن مَعاني تربهم وَلَها سر

وَنور الإِمام الحَيدري الَّذي عَنت

لغرته الشَمس المُنيرة وَالبَدر

وَرَيحانه كَم شَمها الطهر أَحمد

ففاحَ لَهُ مِن طيب عُنصره النَشر

لَهُ الشبه السامي بنصف محمد

وَفازَ بِباقيه الفَتى الحَسَن الطهر

هُما اقتَسَما شبه الرَسول وراثة

وَناهيك مِن فَخر يدين لَهُ الفَخر

هُما نقطتا ياء النبي فَطالَما

مِن المُصطَفى المُختار ضمَهُما الصَدر

هُما قرتا عين البتول وَحَيدر

فَيا عَجَباً هَل كَيف غالهما الدَهر

هُما نيرا مَجد وَعلم وَسَيدا

شَباب جنان الخلد فيما أتى الذكر

هُما بَطلا حَرب وَلَيثا بَسالة

وَغَيثا نَدى جود إِذا بخل القطر

هُما بَحر علم إِن وَردت مِياهه

رويت وَفي كَفيك مِن فَضله در

ألا يا حُسين السبط يا ابن مُحمد

وَمَن قَد سَما في العالمين لَهُ قَدر

مصابك قَد أولى الوُجود كآبة

مَدى الدَهر لا تَفنى وَإِن فني الدَهر

فَفي كُل قَلب مِنهُ نار توهج

وَفي كُل صَدر مِن تَأججها حر

وَجود بَكى لَما سَقَطت عَلى الثَرى

إِلى الآن لَم تنزف لِمدمعه الغَدر

لَئن بَكَت الأَجفان ماء لِفَقده

فَتلكَ عُيون الأُفق أَدمعها حُمر

عَمت عَينه لَما تَوارى سَوادها

فَضل عَن الخَيرات وَانعكسَ الأَمر

مَصائب سود قَد أُصيبَ بِها الوَرى

عَلى كُل قَلب مِن غشاوتها ستر

وَنار بلاء لَيسَ يَسكن حَرها

لَها أَبَداً في كُل جارحة جَمر

أَتَمنَع صبيان النَبي عَلى ظما

مِن الماء جل اللَه قَد عَظم الأَمر

أَتَمنَع مِن ماء الفُرات حَرَيمه

وَحَوضهم المَورود يَعرفه الحشر

بِنَفسي أَبناء الرَسول وَعرضه

بِعرضي لأَني عَبدهم وَلي الفَخر

وَيا لَيت نَحري دون نَحرك سَيدي

فَمثلك مَن يوقيه يَوم الوَغى النَحر

فَتَباً لأقوام عَلَيك تَحزبوا

وَقادَهُم سوء الطَوية وَالمكر

لَئن أَفسَدوا دُنياك يا صَفوة الوَرى

فَلا رَيب قَد ضَلوا وَتَم لَكَ الأَجر

عَلى أَي مَرء قَد أَغارت خُيولهم

عَلى ابن الَّذي في الحَرب تَعرفه بَدر

عَلى القسور الضرغام وَالبَطل الَّذي

لَهُ الغارة الشَعواء وَالفتكة البكر

وَلَولا مَقادير جَرَت بِعنانها

لَغالَ يَزيد الرعب وَانفطر الشمر

حُسين حسين جاءَ يَرجوك ضارعاً

لدَهر بِهِ مِن فتكه الناب وَالظفر

وَأَصبَح يا آل الرَسول بِبابكم

وَأَدمعه في كُل خَد لَها نَهر

فَقوموا بِهِ وَارعوا مَحل جواره

وَكونوا لَهُ ذُخراً فَقَد أعوز الذخر

عَلى جدكم صَلى وَسَلم رَبنا

وَأَرضاكُم الرَحمَن ما طَلع الفَجر

كَذاكَ عَلى الصَحب الكرام رضاؤه

لأَنهُم قَوم قَساورة غر

وَحَياكُم الرَحمَن ما انقض كَوكَب

وَما فاحَ مِن أَكناف أَرضكم عطر