روض سقته من الوسمي أمطار

روض سقته من الوسمي أَمطار

فَأَشرَقَت مِنهُ أَنوار وَنوار

تَنَوعَت فيهِ أَصناف المَحاسن إِذ

تَخالَفَت مِنهُ أَوراد وأَزهار

راقَت وَرَقت بِهِ ريح الصبا فَلذا

تَرقرَقت وَأريقت مِنهُ أَنهار

وَصفقت عذبات البان وَانخفضت

كَأَنَّما هُن بَينَ الرَوض أَبكار

وَنقط الطل أَوراق الغُصون بِهِ

لِكُل واحدة مِنهُن دينار

وَالتف بالبان قَيصوم الجنان ضحى

كَأَنَّما هُوَ للقضبان زنار

وَالطَير يَهتف وَالشحرور منبسط

وَالعَندَليب لَهُ رجع وَتكرار

وَالغُصن يَرقص وَالشادي يحركه

كَأَنَّما هُوَ سنطير وَمزمار

وَالأَرض تضحك مِن سح الغمام بِها

وَكَم لَهُ نعم فيها وَآثار

كَأَن نَعل رَسول اللَه مر بِها

فَاخضر مِن مسه ريف وَأَمصار

نعل بها قدم الهادي الأَمين ثَوَت

فَفيه مِن قدم المُختار أَسرار

نعل مَشَت في قباب العَرش وَارتفعت

عَلى البساط بِذا جاءتك أَخبار

مرغ بخدك تمثالاً لَها فَله

فَضل كَما وَرَدَت في ذاكَ آثار

وَامسح جُفونك كيما تستضيء بِه

فَإنما هُوَ للابصار ابصار

وَاذكر وَصل عَلى ذاك النَبي فَكَم

بذكره غفرت للناس أَوزار

الطاهر الفاخر الزاكي الكَريم وَمَن

لأجله رفعت للقرب أستار

من مثله وَأَمين الوحي خادمه

وَفي رَكائبه الأَملاك قَد ساروا

حَتّى دَنا قاب قَوسين الوصال فَفي

دنوه أَنبياء اللَه قَد حاروا

وَالعَرش أَشرَق مِن أَنوار غرته

إِذ مِنهُ قَد سَطَعت في الكَون أَنوار

ناداه مَولاه أَهلاً بِالحَبيب فَطب

قلباً فَإِنَك نعم الخل وَالجار

أَنتَ المشفع في يَوم المعاد إِذا

قل النصير وَأَبدت حَرَها النار

فَرد يرفل في ثَوب الوَقار وَفي

فُؤاده مِن كنوز العلم أَوقار

وَانشق للمُصطفى البَدر التَمام كَما

قَد حَدثتنا بِهَذا عَنهُ أَخيار

وَالظَبي وَالضب وَالأَشجار شاهدة

عَلى نبوته وَالسُم وَالغار

وَسَل سراقة ماذا قَد رَأى وَكَفى

فَخراً فَفي ذاكَ تَنويه وَإِنذار

وَأعظم الكُل قرآن بِهِ قصص

وَحكمة وَمَواعيظ وَأَخبار

أَلفاظه كَعقود الدر ساطعة

وَآيه لظلام الجَهل أَقمار

رَقت مَعانيه إِذ دَقت لَطائفه

فَأَمعَنَت فيهِ ألباب وَأَفكار

كَفى بِهِ لأولي الأَلباب تبصرة

أَن أَنصفوا وَبحكُم العَقل ما جاروا

بِهِ هدى اللَه أَقواماً وَأَيدهُم

فَأَصبَحوا وَعَلى المنهاج قَد ساروا

وَقَد أَضَل بِهِ قَوماً فَكَم لَهُم

بَصائر قَد عَمت مِنهُ وَأَبصار

يا صاحب الوَحي وَالتَنزيل وَالشَرف الض

ضخم الجَليل وَمَن طابَت بِهِ الدار

وَالسَيد العلم الفَرد الَّذي انتَقَلَت

مِن وَجهِهِ لِجَميع الناس أَنوار

المُصطَفى المجتَبى مِن كُل مُنتخب

وَمَن نَمته إِلى العَلياء أطهار

وَمَظهر الحَق وَالنهج القَويم وَمَن

بشرعه كان للتَوحيد إِظهار

وَالصارع الصادق الصدق الصَفي وَمن

صَفا فَصفي وَجلت مِنه أَقدار

أَغث فَقيراً دَعاكَ اليَوم مُنزَعِجاً

عَلى غَواربه حمل وقنطار

قَد عامَ في ذَنبه التَيار مِن صغر

وَما له في اقتراف الوزر أَعذار

وَقد عرته ديون لا يطيق لَها

حملاً وَلا درهم مِنها وَدينار

وَلاذَ بالحرم المَحمي نازله

وَإِن أَلم بِهِ فَقر وَإعسار

فَامنع بِحَقك عَنهُ كُل مُعضلة

فَإِن رَبك لِلأوزار غفار

صَلى عَليك صَلاة لا انقِطاع لَها

ما صَفقت في حَواشي الرَوض أَشجار