قف بالمدائن يمناها ويسراها

قف بِالمَدائن يمناها وَيُسراها

وَسرح الطرف أَدناها وَأَقصاها

مَنازل نَزَلت غر السحاب بِها

وَوابل الغَيث وافاها فَحَياها

وَغد كَساها الحَيا مِن نسجه حللاً

وَالوَرد بِالحُسن وَشاها وَحَلاها

تَنوع الحُسن في أَرجائِها فَلذا

قُلوبنا وَقُلوب الناس تَهواها

لَم أَترك الدار لَولا حب ساكنها

وَلَم أُفارق حَبيب القَلب لَولاها

فانظر لقيصومها قَد مَد ساعده

وَآسها ماد حَتّى طابَ رياها

وَالرند يَعبق في الأَقطار حينَ رَنت

كَتائب الشيح فاستغنى برؤياها

وَالنرجس الغَض يَرنو نَحوَ نَرجسها

شزراً فَيَضرب أولاها بِأُخراها

وَالأَرض تَهتز مِن حَيث الرَبيع فَلا

تَعجب فَربك بَعدَ المَوت أَحياها

وَنَهر دجلة يَجري في مَجرته

شِعاره كانَ بسم اللَه مجراها

وَالجَو يضحك إِعجاباً بقدرة من

بناصع الحسن أنشاها وَسواها

فروح القَلب في تلكَ المرابع إِن

أَطعت نصحي وَلا تجنح لأشقاها

وَمرغ الخَد وَالعَينين مُعتَمداً

لقبر سلمان وَاترك عَنكَ سلماها

وَقف عَلى ذَلك القَبر المُنير فَكَم

بِهِ تَوارَت عُلوم جل أَدناها

ضَمت مِن الجَوهر المَكنون أَحسنه

وَمِن نجوم الهُدى وَالفَضل أَضواها

نال السَعادة وَالأَقطار مُظلمة

لَما تجبر كلب الفُرس كسراها

رقي معالم دين لا انتهاء لَها

وَنالَ مِن صَهوات العز أَعلاها

حدا بِهِ الشوق حَتّى سار عَن وَطن

وَعَن ديار بِأَرض الفُرس خلاها

وَلَم تَزَل واردات السعد تنقله

حَتّى أَتى بَلد الهادي وَوافاها

وَفازَ بالشرف الأَعلى وَقَد ظفرت

يَداه بالكنز سقياها وَرعياها

أَزالَ عَنهُ العَنا وَالرق وَاِنفرجت

عَنهُ الشَدائد وَانحلت شَظاياها

وَفي بَيضة تبر دينه فَغَدا

حراً وَقَد كانَ يُدعى قَبل مَولاها

وَأَثمر النَخل في عام فَلا عَجب

في كَف من سبحت في الكَف حصباها

وَكَم لَهُ غرر أربت عَلى غرر الن

نُجوم فاذكر فَإِني لَستُ أَنساها

إِذ قامَ في غَزوة الأَحزاب مُنتصباً

لملة الحَق نور الدين يَرعاها

كَفاه إِن قال خَير المُرسلين لَه

سلمان مِنا فَخاراً بَل كَفى جاها

يا سَيداً عَلق القَلب المشوق بِه

حَتّى عَلاه مِن الأَشواق أَعلاها

أنوي إِليك شخوصاً وَالزَمان لَه

قَواطع لَم أطق دَفعاً لأَدناها

حَتّى نَهضت نُهوض اللَيث مُنتهزاً

لفرصة كانَ في النادي ترجاها

وَجئت بابك يا كَهف العفاة مَتى

حَلت بِناديه أَعطاها فَأَغناها

مُستمطراً بِكَ مَنسوباً إِليك كَما

نسبت حَقاً إِلى خَير الوَرى طاها

فاقبل بحقك تَقصيري وَكُن سَندي

وَعدتي لأمور صرت أَخشاها

وَامدد بِفضلك أَطفالي وَكُن لَهُم

ذُخراً وَحصناً بِدنياها وَأخراها

وَقَد سَأَلتك يا كنز الفَقير وَلَم

أَدر لغيرك يا مولى النَدى فاها

وَخص رَبك أَعلى المُرسلين عَلي

برحمة وَصَلاة طابَ رياها

وَآله الغر وَالصحب الكِرام وَمَن

حَدوا الحُدود فَحدوا من تعداها