أبدى الغواني الصد والإعراضا

أبدى الغواني الصدَّ والإعراضا

لمّا رأيْنَ بعارضَيكَ بياضا

وَعَضَضنَ عنك جُفُونهنَّ ورَّبما

قلَّبنَ أَحداقاً إليك مراضا

هجم المشيبُ فما له من رجعةٍ

فأتى على ماء الشباب فغاضا

وانقاد طوعاً للنُّهى ولربَّما

أعيتْ غوايةُ جَهلِهِ الرُوَّاضا

وَرَمَتهُ عن قوس الخطوب حوادثٌ

تركتْ صِعابَ مطيِّهِ أنقاضا

نَقَض المشيبُ قوى الشباب ولم يَزل

شَيْبُ الفتى لشبابِهِ نقَّاضا

لا بأسَ أَن نشرَ المشيبُ قِناعَه

إِنَّ الجواهرَ تَقْبلُ الأعراضا

أتعَبتَ فكركَ فيه لمَّا أتْعَبَتْ

كفَّاكَ في جنَباتِه المقراضا

يا صاح ما في الشيبِ من عهد الصِّبا

عِوَضٌ له أُضحى به معتاضا

قمْ فاغتَنمْ شَرْخَ الشبابِ وعاطِني

بكراً ترى لشعاعها إِيماضا

تركَ المزاجُ على تورُّدِ خَدِّها

من مستديراتِ الحبابِ عِراضا

ولها دبيبٌ ما جرى في مفصلٍ

إلا شَفَى الأسقامَ والأمراضا

في روضةٍ كَسَتِ السماءُ ربُوعَها

حُللاً من النبتِ البهيِّ عِراضا

ألِفَتْ مآلفها فأحدق حولها

وَرَقُ الربيعُ حدائقاً ورياضا

وَسَرَتْ سواري المُزْنِ في جَنَباتها

فَسَقَتْ بقاعاً حولها وَغِياضا

ما للبخيلةِ لا تجودُ لعاشقٍ

قد أَوْرَدَتْهُ من الحِمامِ حياضا

وَفَدَتْ عليه بأسْهُمٍ منْ طَرفها

جَعلَتْ مقَاتِلَهُ لها أغراضا

خُضْ في بحارِ الحبِّ إِنَّ أخا الهوى

مَنْ في بحارِ الحبِّ وَيْحَكَ خاضا

كم رُضْتُ قلبي في الهوى فوَجَدْتُهُ

في كلِّ حالاتِ الهوى مُرْتَاضا

ما إن دعا الشوقُ الجفونَ إلى البكا

إِلاَّ تحدَّر ماؤها بل فاضا