أقصر فما تملك إقصاري

أَقْصِرْ فما تملكُ إِقصاري

صبَّرتَ من ليسَ بصبَّارِ

ما لي عن الأوزارِ مندوحةٌ

إذ كانتِ الأحزانِ أوزاري

لا درَّ درُّ العينِ إن سامحت

عيني بدمعٍ غيرِ مِدْرار

ألقتنيَ الأحداثُ من كَيْدِها

ما بين أَنيابٍ وأظفار

وألبستْ جسمي ثيابَ الضنا

فالجسمُ من غيرِ الضَّنا عاري

أضرَّ بي ثكلُكِ ليلى وفي

إِضرارِه بي كلُّ إِضرار

يا يومَ ثُكْلٍ لم أَذُقْ مثلَه

أَمَرَّ عيشي أَيَّ إمرار

أَمَا على يومِكِ من ناصرٍ

أم غابَ عن يومِكِ أنصاري

أُجيلُ في قبرِكِ عينيَّ في

مجالِ أرواحٍ وأمطار

أشتاقُ رؤياك فآتي فلا

أرى سوى تُرْبٍ وأحجار

وَأَعمرُ الصحراءَ في مأتمٍ

عُمَّارُهُ آلفُ عُمَّار

جليسُ أجداثٍ كأني بها

جليسُ أنهارٍ وأشجار

مالي بأرضٍ وطنٌ إنما

ببابٍ قْنَّسريْن أَوطاري

بابٌ به الآثارُ ممحوّةٌ

وهنَّ من أبينِ آثار

يا بابَ قنسرين لا تخلُ من

سحائبٍ عُونٍ وأبكار

من مُزْنَةٍ تهمي ومنْ مقلةٍ

تبكي بدمعٍ من دمٍ جار

يا رحمتا لي والأسى آخذٌ

عنانَ إِيرادي وإِصداري

من أي آفاقي رمى مهجتي

أصابَ أو مِنْ أَيِّ أقطاري

النارُ من قلبيَ مخلوقةٌ

أم هو مخلوقٌ من النار

كأَنَّ عَرْضَ الأرضِ ما بيننا

وبيننا خمسةُ أشبار

يا نورَ عيني والتي لم تزل

من نُورها تُقْبَسُ أنواري

يا ربَّةً القبر المضيءِ الذي

يُضيءُ ضوءَ الكوكب الساري

قومي إلى زَوْركِ أو فاجلسي

فإنهمْ أكرمُ زُوَّار

قومي إلى دارك قد أَنكرتْ

صَبْرَك عنها أيَّ إِنكار

استوحشتْ دارُكِ من أَهلها

واستوحشَ الأهْلُ من الدار

واحدتي أمسيتِ في وَحْدَةٍ

من بعدِ أُلاَّفٍ وَسُمَّار

ما بالُ جيرانِك أهلِ البلى

هل داركَتْهمْ رقَّةُ الجار

كنتُ القريرَ العينِ إذ كنتِ لي

تحلو أَحاديثي وأَخباري

وكان شعري يُتَغَنَّى به

فاسْتُحْسِنَتْ للنوحِ أَشعاري