هل الطيب من ليلى على النأي طارقه

هل الطِّيبُ من ليلى على النأي طارقُهْ

فيشفي جوى الوجدِ الذي هو شائقُه

لقد هاج لي بينُ الخليل صبابةً

عشيّةَ زُمَّتْ للفراق أَيانِقُه

ألم تر ما ألقى من الشوقِ كلما

رميتُ بطرفي حيث كانت حزائقه

وقفنا على الربع الذي بان أهلُهُ

ولا دمعَ إلا وهو تجري سوابقه

كأن بقايا ما عفا من رسومه

كتابُ يهوديٍّ أُمِحَّت مَهارقه

ولم أنسَ إذ قالوا الرحيل ويمَّمتْ

حُدوجُهُمُ قُفّاً طوالاً شواهقه

وقالوا غرابُ البين ينعقُ بالنوى

فيا ليت أنَّ البين يَخرَسُ ناعقه

فشبهتُ ظُعنَ الحيِّ لما تحمَّلوا

بيانعِ نخلٍ يزدهي العينَ باسقه

يُغازلني من جانب الخدر جُؤذَرٌ

يتيهُ بما تحويه منه قَراطقه

أبى الحُسنُ إلا أن يكون هلالُهُ

مغاربُه في وجهه ومشارقهْ

كأنّ على أنيابِهِ بعد هجعةٍ

رحيقَ مدامٍ شجَّه لك غابقُه

أُحبُّ لحبِّيهِ الربيعَ لأنه

بِخَدَّيْهِ يبدو وَرْدُهُ وشقائقُه

له بَشَرٌ أهدى إلى المسك مثلما

إلى الجَيْبِ والأردان أهدى ملاعقُه

وَخَصْرٌ به أضحى يليقُ وشاحه

إذا ما بدا ما لا تليقُ مناطِقُه

يزيِّن أثناءَ المخانقِ جيدُه

إذا كلُّ جيدٍ زَيَّنَتْهُ مخانِقه

فلو قابلتْ خَدَّيْهِ ألحاظُ رامقٍ

لأتَّرَ في خديْهِ باللحظِ رامقُه

فما كان إلا اللحظُ بيني وبينه

يسارِقُنِيْهِ تارةً وأُسارقه

ولو أنَّ ما أبقى بقلبي من أسىً

بقلب الذي في المهدِ شابتْ مفارقه

يهيِّجُ همّي الليلُ ما لاحَ نَجْمُهُ

وَيُكثرُ بثي الصبحُ ما ذَرَّ شارقه

وكم سَلَقَ العُذَّلُ سمعي بألْسُنٍ

حدادٍ فلم يَسْمَعْ لما قال سالقه

وَخَرْقٍ إذا جابَ المطيُّ بَسَاطَهُ

تقسَّمها أصواحُهُ وَسَمالِقُه

كأنَّ ضرامَ النارِ يلفحُ رَكْبَهُ

إذا احترَّ من وقدِ الهجير شواهقه

يُشَبَّهُ وَقْدُ الآل فيه بِلُجَّةٍ

يعوم بها عَوْمُ السفينِ نَقانقه

قَطَعْتُ وقد جَرّ الظلامُ مُتُونَهُ

على متْنِ هِرْكَوْلٍ تورعُ شقاشِقُه

أبى القودَ والسَّوْقَ الشَّديدَ مِراحُهُ

فقائدُهُ عنه يجيدُ وسائقه

يمرُّ كمرِّ الريح في كل صَحْصَحٍ

بعيدِ مَرام الوِرْدِ شُهبٍ ودائقه

وتَنفي الحصى أخفاقُهُ فكأنها

دنانيرُ ضرَّابٍ نَفَتها مطارقُه

كأن اللُّغامَ الجعدَ فوق خَشاشِهِ

سبائخُ من بُرْسٍ تطيرُ شبارقُه

طوى الخِمْس بعد الخِمْسِ حتى رأيتُهُ

من الشدِّ والإيغالِ حُمْراً حَمالقه

وكم مُحَّ من مَهْريَّةِ العيسِ غاربٌ

وَجُبَّ سنامٌ تامِكُ النيِّ زاهقه

وما كنتُ أَطوي سبسباً بعد سبسبٍ

بعيد الفضا لولا الذي أَنا وامقه

سقى جنباتِ الرقتين مزمجرٌ

سكوبُ الغَزالي كلما عنَّ بارقُه

محلٌّ متى تَحْلُلْ به المزنُ تشتملْ

بنواره أَدماثُهُ وأَبارِقُه

فيغدو وقد دَقَّتْ محاسنُ رَوْضِهِ

وما كان فضْلُ الحسنِ لولا دقائقه

ترى الزهرَ كالحَلْيِ المَصُوغِ إذا بدا

يلوحُ عليه دُرُّهُ وعقائقه

يحاكي العيونَ ما ترقرق دَمْعُها

إذا هو جالت في ذُراهُ رقارقه

وَغُصْنٍ على غُصْنٍ تُمَيِّلُهُ الصَّبا

كما مال إِلفٌ نحو إِلفٍ يعانقه

حدائقُ روضٍ يحسرُ العينَ حُسْنُها

وما كان حُسْنُ الروض لولا حدائقه

وكم مُكْمَحٍ بالقارِ فُضَّ ختامه

لتجلى على أيدي الوصائفِ عاتقه

لدى مجلسٍ ألقى به اللهوُ رَحْلَهُ

تُنازعني فيه الشَّمولَ غَرانِقُه

فبتُّ أعاطَى الراحَ معْ كلِّ ماجدٍ

جميلِ المحيّا لا تُذَمُّ خلائقه

إذا صبَّها الساقي أضاءت وأشرقت

لبهجتها أكوابُهُ ودوارقه

إذا ما النديمُ اشتمَّها فكأنما

تنشَّقَ ريَّا المسك منها مناشقه

وإني لأنفي الهمَّ عني بقهوةٍ

إذا طَرَقَتْ في جُنح ليل طوارقه

وما كان يجفوني حبيبٌ أُحبُّهُ

وما كان يَقليني صديقٌ أُصادقُه

على أنني لو أن بابَ ملمَّةٍ

تضايقَ يوماً لم يَهْلني تضايُقُه

وإِني إلى قَصدِ الخلائق لم أزلْ

إذا ما الأمرُ نابت حقائقه

وفيٌّ إذا أعطى الوثائقَ لامرئٍ

ولا خير فيمن لا تصحُّ وثائقه

ولم يبلغ العلياءَ إلا الفتى الذي

تُرجَّى أياديه وتُخشى بوائقه

أبت خِندفي إلا سُموّاً إذا الوغى

يمزِّقُ أرواحَ الكتائب مازقُه

فيا ربَّ جيشٍ قد صَبَحنا بغارةٍ

فلم يُغنِ عنه زَغفُهُ ويلامِقُه

بكلِّ حسامٍ لم يُسَلَّ لأنه

يُردُّ إليه جفنه ومعالقه

فأضحوا قرىً للطير في كل موطنٍ

تنقّرهم غربانُه وعقاعقه

وإِنّا أَناسٌ ما يُقَامُ لحربنا

إذا ما غبار الحرب مُدَّ سُرادقه

ويحسدني في الشعر قومٌ ولم أكن

لأحسُدَ مخلوقاً وذو العرش رازقُه

فيا ذا الذي يسعى ليدركَ غايتي

رأيت هجيناً مع جوادٍ يُسابقه

أَذَقتُ دعيَّ القوم من سمِّ منطقي

وأَحجِ بأنَّ السمَّ يتلَف ذائقه

سلوه إذا ما امتصَّ من بظرِ أُمه

صديدَ أيورِ القوم هل هو باصقه

وأين لحاهُ الله يطلبُ موثلا

إذا عارضي سالت عليه صواعقه