أسلم للأيام أم لا أسلم

أُسَلِّمُ للأَيَّامِ أَم لا أُسَلِّمُ

وأَحمِلُ ظُلْمَ الدَّهْرِ أَمْ أتظَلَّمُ

بَكَيتُ على شِعْرٍ أُصيبَ كما بكى

على مالكٍ لمَّا أُصيبَ مُتَمِّمُ

تَعزَّيْتُ عن نَيْلِ الثَّراءِ بِفَضْلِهِ

وما مُعْدِمٌ أثرى من الفَضْلِ مُعْدِمُ

أُجانِبُ فيه لذَّتي ومَكاسبي

وأهجُرُ فيه النَّومَ والناسُ نُوَّمُ

إذا ما المعاني أَومَضَتْ لي بُروقُها

وساعَدَها وَشْيُ الكَلامِ المُنَمنَمُ

رَأَيْتُ التهابَ الحَلْيِ في جِيدِ غادَةٍ

تَرائِبُها من تَحتِهِ تَبَتَسَّمُ

نِظامٌ منَ السِّحْرِ الحلالِ مُخَيِّلٌ

لِسامِعِهِ أنَّ الكَواكِبَ تُنظَمُ

فَلمَّا اغتَدَى كالسَّيفِ أَخلَصَ صَيْقَلٌ

ظُباه وكالرُّمْحِ انتحاه مُقَوِّمُ

وعاذَتْ برَيَّاه النُّفوسُ كأنَّه

نَسيمٌ على أيدي الصَّبا يُتَنَسَّمُ

تَحلَّى به قَوْمٌ سِوايَ فكذَّبوا

وهل يَلِدُ الشُّهْبَ المَلامِحِ أدهَمُ

وشُنَّتْ عليه للمَجانينِ غارَةٌ

فأصبحَ نَهباً بينَهم يُتَقَسَّمُ

هي الغارَةُ العُظمى التي بسيوفِها

أُبيحَ حِمى الآدابِ وهو مُحرَّمُ

أرى الجَوْرَ قد عَمَّ الأنامَ بأَسْرِهِمْ

فلا عَدْلَ إلا للظُّبا حينَ تَحكُمُ

أَيُدْفَعُ عن حَلْيِ البَلاغَةِ مُعْرِبٌ

ويَرْفُلُ في وَشْيِ الفَصاحَةِ أَعْجَمُ

هوَ النَّقَدُ المسلوبُ من غارَةِ الوَغَى

ولكنَّهُ في غارَةِ الشعرِ ضَيْغَمُ

يَفوتُ الحديدُ النَّابِ والظِّفرِ إن سَطا

فما ضَرَّه إن راحَ وهو مُقَلَّمُ

دَعُوا الأْنجُمَ الزُّهْرَ التي أَعجَزَتْكُمُ

لمَطْلِعِها ما دامَ للشعرِ أنجُمُ

ولا تُحْفِظُوا رَبَّ الحِفاظِ لأنَّه

حَلَتْ لكُمُ أخلاقُه وهو عَلْقَمُ

يَمُجٌّ لكم شهدَ الكَلامِ لِسانُه

وما مَجَّ يَوماً قبلَه الشَّهْدَ أَرقَمُ

رَدَدْتُ سِهامَ الذَّمِّ عنكم مُذَمَّماً

وبعضُ قوافي الشِّعْرِ سَهْمٌ مُسَمَّمُ

رَأيتُكُمُ مَوتَى فكَفْكَفْتُ غَربَها

وهل ناظرَ الأمواتَ حينَ تَكَلَّم

وإن تَسْأَلوني قَطرةً من مَحاسنٍ

فحَوضيَ من ماءِ المحاسنِ مُفعَمُ