ثنت لك أعطافها والخصورا

ثَنَتْ لكَ أعطافَها والخُصورا

وأعطَتْكَ أجيادَها والنُّحورا

تصدَّتْ لنا والهوى أَنَّةٌ

فصَدَّتْ وقد غادَرَتْهُ زَفيرا

وكانت ظباءً ترودُ اللِّوى

فأضحَتْ شموساً ترودُ الخُدورا

فِراقٌ أصابَ جَوىً ساكناً

فكان له يومَ سَلْعٍ مُنيرا

وساجي الجُفونِ إذا ما سجَى

أغارَ المَهَا دَعَجاً أو فُتُورا

أُغَرِّرُ بالنَّفسِ في حبِّه

وآلفُ منه غزالاً غَريرا

وأَعتدُّ زَورَتَهُ في الكَرى

نوالاً لديَّ وإن كان زُورا

لقد جَهِلَ الدهرُ حقَّ الأريبِ

وما زالَ بالدَّهرِ طِبّاً خَبيرا

عزائِمُهُ شُعَلٌ لو سطَتْ

على اللَّيلِ عادَ ضياءً مُنيرا

إذا ما توعَّرَ خَطْبٌ سَرى

فَغَلَّ سهولَ الفَلا والوُعورا

نزورُ أغرَّ تَغارُ العُلى

عليه ويُلْفى عليها غَيورا

إذا المجدُ أنجزَ ميعادَضه

أعادَ وعيدَ اللَّيالي غُرورا

يَعُدُّ من الأَزدِ يومَ الفَخارِ

ملوكاً حوَتْ تاجَها والسَّريرا

يُريكَ النَّدِيُّ إذا ما احتَبوا

بدورَ المحافلِ تحبُو البُدورا

وتَجلُبُ من كَرمٍ في النَّدى

فإن أجلَبَ الدهرُ أضحى وَقورا

أقولُ لمَنْ رامَ إدراكَه

وما رامَ من ذاك إلا عَسيرا

عزاؤُك إنْ عَزَّ نَيلُ السُّهى

وصبرُكَ لستَ تنالُ الصَّبيرا

سلامةُ يا خيرَ مَنْ يَغتدي

سليمُ الزَّمانِ به مُستَجيرا

إلى كَم أُحبِّرُ فيك المديحَ

ويلقَى سواي لديك الحُبورا

لَهمَّتْ عرائِسُه أن تَصُدَّ

وهمَّتْ كواكُبه أن تَغورا

أَتُسلِمُني بعدَ أن أوجَدَتْ

على نُوَبِ الدَّهرِ جاراً مُجيرا

وأسفرَ حَظِّيَ لمَّا رآ

كَ بيني وبينَ اللَّيالي سَفيرا

وكم قيلَ لي قد جفاكَ ابنُ فَهْدٍ

وقد كُنتَ بالوصلِ منه جَديرا

فقلتُ الخطوبُ ثَنَتْ وُدَّهُ

فلم يَبْقَ لي منه إلا يَسيرا

سأُهدي إليك نسيمَ العِتابِ

وأُضمِرُ من حَرِّ عَتْبٍ سَعِيرا

مَعانٍ إذا ما ظَهَرَتْ دَبَّجَتْ

بُطونَ المديحِ له والظُّهورا

تَبَرَّجُ للفِكْرِ أُنْساً به

وطوراً تَخَفَّرُ عنه نُفورا

تراءَضت له كسطورِ البُروقِ

وقد رامَها فشَآها سُطورا

فيَهنِكَ أَنْ حَلَّ وَفْدُ السُّرورِ

وأزمعَ وفدُ الصيِّامِ المَسيرا

فلا فَضْلَ للعُودِ حتّى يَحِنَّ

ولا حمْدَ للكأسِ حتّى تَدورا

فقد جدَّدَ الدَّهرُ ظِلاًّ ظليلاً

ورَوْضاً أَريضاً وماءً نَمِيرا

وحَلَّ الرَّبيعُ نِطاقَ الحَيا

فغادرَ في كُلِّ سَهْلٍ غَديرا

هواءٌ نُبَاشِرُهُ حُسَّراً

فنَقسِمُه ساجياً أو حَسِيرا

وزَهْرٌ إذا ما اعتَبَرْنا النسيمَ

حَسِبناهُ يمسَحُ منه العَبيرا

ورَوْضٌ يُراقُ بماء الحياةِ

فنُوَّارُهُ يَملأُ العَينَ نُورا

جلا البَرقُ عن ثغرِه ضاحكاً

إليه فأضحكَ منه الزُّهورا

وسَافرَه الرَّعدُ مُستَعْطِفاً

فقد سَفَرَ الوردُ فيه سَفِيرا

ومالَتْ من الرَّيِّ أشجارُه

كأنَّ السَّواقي سقَتْها الخُمورا

وولَّتْ صوادرَ منشورةً

وقد ملأَ الحُزْنُ منه الصُّدورا

أَوَانٌ تحَيِّيك أَنوارُه

رَواحاً بأنفاسِها أو بُكورا

وشهرٌ يُشهِّرُ ثَوبَ الثَّرى

ويَنظِمُ بالطَّلِّ فيه شُذُورا

أعادَ عُبوسَ الرُّبا نَضْرةً

وشِيبَ الغُصونِ شباباً نَضيرا

فسَلَّ الجَداوِلَ سَلَّ الذُكورِ

وأغمضَ للبِيضِ بِيضاً ذُكورا

ودلَّ على عَدْلِه أننا

نَرى القُرَّ مُعتَدِلاً والهَجيرا

فلا زِلْتَ مُغتَبِطاً ما حَيِيتَ

بِعيدٍ يُعيدُ عليك السُّرورا

بكاسٍ بِكَفِّ خَلُوبِ اللِّحا

ظِ تَخلُبُ شُرَّابَها والمُديرا

إذا هو عايَنَها بالمِزاجِ

رأى غُدرَها لهَباً مُستَطيرا

تُشيرُ إليكَ بها كَفُّهُ

وقد مثَّلَتْ لك كِسرى مُشيرا

بحُلَّةِ وَرْدٍ إذا رَدَّها

على الشَّرْبِ عاوَدَها مُستَعيرا

تَحُفُّ بها صُوَرٌ لا تزالُ

عيونُ النَّدامى إليهنَّ صُورا

فلو أنَّ ميْتاً يُلاقي النًّشورَ

بِنَشْرِ المُدامَةِ لاقَى النُّشورا

وفِكْرٍ خواطِرُهُ أَلبسَتْ

عُلاكَ من المَجْدِ ثوباً خَطيرا

مَحاسِنُ لو عُلِّقَتْ بالقَتيرِ

لَحَسَّنَ عندَ الحِسانِ القتَيرا

إذا ما جَفَت خِلَعُ المادِحينَ

عليهنَّ رقَّتْ فكانت حَريرا