شعف الحبائل من ربى وملاعب

شَعَفُ الحبائلِ من رُبىً ومَلاعِبِ

لم تخلُ من شَغَفٍ ودمعٍ ساكبِ

أَوْحَشْنَ إلا من وُقوفِ متيَّمٍ

وعَطِلْنَ إلا من حُليِّ سَحائبِ

ولقد صَحِبْتُ العَيشَ مَرْضِيَّ الهَوى

في ظِلِّها الأَوفَى خليعَ الصَّاحبِ

أيامَ لا حُكمُ الفِراقِ بجائرٍ

فيها ولا سَهمُ الزَّمانِ بصائبِ

ولربَّما حَالت شَوازبُ أُسْدِها

بين المُحِبِّ وبين سِرْبِ ربائبِ

وتتبَّعْتهُ ظِباؤُها بقَواضبٍ

من لَحْظِهَا وحُماتُها بقواضب

إذ حيُّها حَيُّ السُّرورِ وظِلُّها

رَحْبُ الجِنابِ بِهمْ عَزيزُ الجانِبِ

خفَقَانُ ألويَةٍ وغُرُّ صواهلٍ

وبُدورُ أنديةٍ وجَرْسُ كَتائبِ

وغرائبٌ في الحُسْنِ إلا أنها

تَرمي القلوبَ من الجَوى بغَرائبِ

أَنْهَبْنَا وردَ الخُدودِ وإنما

أَنْهَبْنَ ذاكَ الوردَ لُبَّ النَّاهبِ

إن كُنتِ عاتبةً عليَّ فما الرِّضا

عندي ولا العُتبى لأَوَّلِ عاتبِ

نُبِّئْتُ أنَّ الأغبياءَ تَوثَّبوا

سَفَهاً عليَّ مع الزَّمانِ الواثبِ

دَبَّتْ عقاربُهم إليَّ ولم تكُنْ

لِتَدِبَّ في ليلِ النَّفاقِ عقاربي

مِنْ مُنْكرٍ فضلي عليه ومُدَّعٍ

شِعري ولم أسمعْ بأخرسَ خاطب

هيهاتَ ما جَهْلُ الجَهولِ بمُسبلٍ

حُجُباً على نَجْمِ العلومِ الثَّاقبِ

وإذا العدوُّ أثارَ حِقداً لم يزلْ

يكتَنُّ في رَسَبَي حشاً وترائبِ

فلْيَستَعِدَّ لطعنةٍ من طاعنٍ

شاكي السِّلاحِ وضربةٍ من ضاربِ

ذنبي إلى الأعداء فضلُ مواقفي

والفضلُ ذنبٌ لستُ منه بتائبِ

اللهُ آثرَني بوهبٍ دونَهم

وأَخصَّني من وُدِّهِ بمواهبِ

مِلِكٌ إصاختُه لأوَّلِ صارخٍ

وسجالُ أنعُمِه لأوَّلِ طالبِ

جَذْلانُ يرغبُ في العُلا فَتِلادُه

مُصْغٍ لدعوةِ راغبٍ أو راهبِ

كالغيثِ يلقَى الطالبين بوابلٍ

سحٍّ ويلقى الحاسدين بحاصبِ

فصَّلتُ عِقْدَ مدائحي بخِلالِه

فكأنَّما فصَّلتُه بكواكبِ

وإذا انتضَتْ يُمناه نِضْوَ سيوفِه

أَذْكَى ضِرامَ الحربِ غيرَ مُحاربِ

أكرِمْ بسيفكَ من صَموتٍ راجلٍ

في النائباتِ ومن فصيحٍ راكبِ

تهتزُّ أعضاءُ الشُّجاعِ مخافةً

ما اهتزَّ بين أشاجعٍ ورَواجبِ

ما إن رأيتُ سِواه عَضْباً غِمْدُه

أحشاءُ حاليةِ المقلَّدِ كاعبِ

لم تَعْرَ من صِبْغِ الذَّوائبِ إذ غدَتْ

مَطمومةً ليسَت بذاتِ ذوائبِ

وكأنما طلَعَتْ مشارقُ حَلَّها

من حِليةِ الجنَّانِ فوقَ مغاربِ

ما حاربَ الصُّبحُ المُضئُ غياهباً

إلا أرتنا الصبحَ سِلْمُ غياهبِ

قد قلتُ إذ عاينتُ فضلَ بيانِه

وبيانَه كَمُلَتْ أداةُ الكاتبِ

لله درُّكَ يا ابنَ هارونَ الذي

أدنى العُفاةَ من السَّماحِ العازبِ

أغرَبْتَ في شِيَمٍ تلوحُ سِماتُها

في كاهلٍ للمجدِ أو في غاربِ

وشمائلٍ سارَتْ بهنَّ مدائحي

في الأرضِ سَيْرَ شمائلٍ وجَنائبِ

نضَّرْنَ وجهَ المكرُماتِ وطالما

سفرَتْ لنا عن حُرِّ وجهٍ شاحبِ

مالي أرى أوصابَ جسمِك غادَرتْ

قلبَ المكارمِ في عَذابٍ واصبِ

عُدْنا الغَمامَ الجَوْدَ منك ولم نَعُدْ

من قبلِها صوبَ الغَمامِ الصائبِ

لسنا نَذُمُّ أوائلَ النُّوبِ التي

جاءت أواخرُها بحَمْدِ عواقبِ

فاسعَدْ بعافيةِ الإلهِ فإنها

هِبَةٌ مُقابَلَةٌ بشُكْرٍ واجبِ

وتَمَلَّ سائرةً عليك مقيمةً

مَلكتْ وَدادَ أباعدٍ وأقاربِ

شَرِقَتْ بماءِ الطَّبْعِ حتَّى خِلتُها

شَرِقَتْ لِريِّقِها ببردٍ ذائبِ

يَشتاقُ طلعَتها الكريمُ إذا نَأتْ

شوقَ المحبِّ إلى لقاءِ حبائبِ

ويقولُ سامعُها إذا ما أُنْشِدَتْ

أعقودُ حَمْدٍ أم عُقودُ كَواكبِ