عصى الرشاد فقد ناداه من حين

عَصَى الرَّشَادَ فَقَدْ نَادَاه مِنْ حِين

وَرَاكَضَ الغَيَّ في تِلْكَ المَيَاديِنِ

ما حَنَّ شَيْطَانُهُ العَاتِي إلَى بَلَدٍ

إلاّ ليَقْرُبَ مِنْ دَيْرِ الشّيَاطينِ

وَفْتَيةٍ زَهَرُ الآدَابِ بَيْنَهُمُ

أَبْهَى وَأَنْضَرُ مِنْ زَهْرِ الرَّياحينِ

مَشَوا إلى الرَّاحِ مَشْيَ الرُّخِّ وانَصَرَفُوا

وَالرَّاحُ تَمشِي بِهِمْ مَشْيَ الفَرَازينِ

غدوا إليها كأمثال السهامِ مَضَت

عن القِسيِّ وراحوا كالعراجينِ

تَفَرَّقُوا بَيْنَ أَعْطَانِ الهيَاكِلِ في

تِلْكَ الجِنَانِ وأَقْمَارِ الدَّوَاوِينِ

وكان شِربُهُمُ في صدرِ مجلِسِهِم

شِربَ المُلوكِ وناموا كالمساكينِ

حَتَّى إذَا أنْطَقَ النَّاقُوسَ بَيْنَهُمُ

مُزيَّنُ الخَصْرِ رُومِيُّ القَرَابين

يِرَى المُدَامَةَ دِيناً حَبَّذَا رَجُلٌ

يَعُدُّ لَذَّةَ دُنيَاهُ مِنَ الدِّينِ

تَحُثُّ أَقْدَاحَهُمْ بِيضُ السَّوَالِفِ في

حُمْرِ الغَلائِلِ في خُضْرِ البَسَاتِينِ

كَأنَّ كَاسَاتِها والمَاءُ يَقْرَعُها

وَرْدٌ تُصافِحُهُ أَطْرَافُ نِسْرينِ