أنى يسوغ لعاشق كتمانه

أَنّى يَسوغُ لِعاشِقٍ كتمانُهُ

وَوُشاتُهُ يَومَ النَوى أَجفانُهُ

البَينُ أَسكَنَ قَلبَهُ جَمرَ الغَضا

مُذ بانَ عَن وادي الغَضا سُكّانُهُ

لَم يُبقِ مِنهُ الوَجدُ غَيرَ أَنينِهِ

فَلِعائِديهِ لَم يَبِن جُثمانُهُ

هُنَّ الدُّمى يَهزُزنَ أَعطافَ القَنا

فَوقَ النَقا مُرتَجَّةً كُثبانُهُ

أَعُيونُهُنَّ رَنَونَ أَم غِزلانُهُ

وَقُدودُهُنَّ تَرَنَّحَت أَم بانُهُ

أَيُفيقُ مِن سُكرِ الصبابَةِ بَعدَهُم

مَن كانَ لا يَصحو وَهُم جيرانُهُ

وَمُدَلَّلٍ أَنا في هَواهُ مُذَلَّلٌ

يا حُسنَهُ لَو زانَهُ إِحسانُهُ

ما شانَهُ إِعراضُهُ عَنّى وَلا

أَزرى بِهِ أَنَّ القَطيعَةَ شانُهُ

يا عاذِلَ المَذِلِ الجَموحِ عَلى الهَوى

دَعهُ فَفي كَفِّ الغَرامِ عِنانُهُ

لا تَعرِضَن لِلطَرفِ عِندَ جِماحِهِ

إِن كانَ مُتَّسِعاً لَهُ مَيدانُهُ

صَبٌّ أَراقَ الوَجدُ ماءَ سُلُوِّهِ

وَتَوَقَّدَت بِفُؤادِهِ نيرانُهُ

وَبَكى فَأَبكى عاذِليهِ رَحمَةً

وَشَكى الجَوى مِمّا أَجَنَّ جَنانُهُ

مَن كانَ مَمنُوّاً بِهَجرِ حَبيبِهِ

هَجَرَ الكَرى وَنَبَت بِهِ أَوطانُهُ

آهاً لِقَلبٍ ما اِجتَنى ثَمَرَ المُنى

مِمَّن أَحَبَّ وَلا اِنجَلَت أَحزانُهُ

إِن كانَ يُسعِفُني زَماني بِالرِضى

مِن بَعدَ إِسخاطي فَذا إِبّانُهُ

مَن كانَ مُنتَصِراً بِنَصرٍ لَم يَهَب

دَهراً وَلَم يَعبَث بِهِ حَدَثانُهُ

فَعَلى أَبي الفَتحِ الرَجاءُ مُعَوَّلٌ

أَوَلَيسَ يَغلِبُ شَكَّهُ إِيقانُهُ

بي مِن مُحاوَرَةِ الزَمانِ ضَمانَةٌ

سَيُميطُها عَنّي الغَداةَ ضَمانُهُ

وَإِلى صَفِيِّ الدينِ أَستَعدي عَلى

دَهرٍ أَقامَ بِساحَتي عُدوانُهُ

قَرَعَت وَحاشاهُ يَداهُ مَروَتي

وَاِجتاحَ سَرحِيَ عاتِياً سِراحنُهُ

فَهوَ الَّذي ما المَرءُ يَوماً آمِنٌ

مِن دَهرِهِ ما لَم يَصِلهُ أَمانُهُ

قَد أَصبَحَت لِلصاحِبِ الدُّنيا وَما

فيها وَما شَيءٌ يُخافُ حِرانُهُ

لَو قالَ لِلفَلَكِ المُديرِ لِسائِرِ ال

أَفلاكِ قِف لَم يَتَّفِق دَوَرانُهُ

وَعَلَت عَلَيهِ هِمَّةٌ صَفَوِيَّةٌ

فَهِيَ السماءُ وَأَرضُها كيوانُهُ

فَالغَيثُ وَاللَيثُ اللَذانِ هُما هُما

أَقماهُما إِقدامُهُ وَبَنانُهُ

إِنّي مُعيدِيٌّ فَمَن يَسمَع بِهِ

خَيرٌ لَهُ مِن أَن يَراهُ عَيانُهُ

قَد جِئتُ مُعتَذِراً وَمَن هَذا الَّذي

بِصِفاتِ سُؤدَدِهِ يَحُطُّ لِسانُهُ

قُسُّ المَقالِ لَدَيهِ يُمسي باقِلاً

عِيّاً وَيُحصَرُ دونَهُ سَحبانُهُ

مُتَكَبِّرٌ عَن أَن يُرى مُتَكَبِّراً

فَلِذاكَ مُكِّنَ في العَلاءِ مَكانُهُ

مُتَواضِعٌ وَهوَ المَهيبُ يَخافُهُ

مَن كانَ ثَبتاً في الحُروبِ جَنانُهُ

طَبٌّ بِأَعقابِ الأُمورِ وَعِندَهُ

مِن كُلِّ أَمرٍ مُشكِلٍ بُرهانُهُ

آراؤُهُ تَثني الخَميسَ مِنَ العِدا

يَومَ الوَغى مُتَهَدِّماً بُنيانُهُ

مِن عَزمَةِ السُلطانِ جَرَّدَ صارِماً

لَم تُخشَ نَبوتُهُ وَلا خِذلانُهُ

ما لِلقَضاءِ قَضاؤُهُ وَمَضاؤُهُ

ما لِلبُروقِ خَواطِفاً وَمَضانُهُ

فَلِكُلِّ عاصٍ مِنهُ شِدَّةُ باسِلٍ

مُرِّ المَذاقِ وَلِلمُطيعِ لِيانُهُ

لَم يَأتِ مِن زَمَنٍ حَميدٍ غابِرٍ

إِلّا وَقَد أَربى عَلَيهِ زَمانُهُ

عَجَباً لَهُ وَهوَ الوَزيرُ يَخافُهُ

في المُلكِ من عُقِدَت لَهُ تيجانُهُ

وَنَقولُ حينَ نَراهُ في إيوانِهِ

كَالشَمسِ مَن كِسرى وَما إيوانُهُ

لَبِسَت بِهِ الدنيا ثِيابَ جَمالِها

أَبَداً وَدامَ دَوامَها سُلطانُهُ