إليك المطايا أعنقت يا محمد

إِلَيكَ المَطايا أَعنَقَت يا مُحَمَّدُ

إِلى خَيرِ مَن يُسعى إِلَيهِ وَيُحفَدُ

إِلى الذُروَةِ العَلياءِ مِن سِرِّ هاشِمِ

عَلَيهِم سَلامي كُلَّ وَقتٍ يُرَدَّدُ

تَرَدُّدَ أَنفاسي الَّتي لا أَمَلُّها

وَلا أَنتَهي مِنها وَلا أَتَبَلَّدُ

كَأَنَّ دُموعي لاشتِياقي لَآلِئٌ

فَمِن بَينِ أَصدافِ الجُفونِ تُبَدَّدُ

قَطَعنَ إِلَيكَ البيدَ كَالبَحرِ آلها

وظرّانُها مِن تَحتِهِ يَتَوَقَّدُ

وَرَكبٍ عَلى أَكوارِهِنَّ كَأَنَّهُم

سِهامٌ بِأَكبادِ القِسِيِّ تَشَدَّدُ

وَكُلٌّ إِذا ما هَزَّ سوطاً كَأَنَّما

تَخِبُّ بِهِ بَينَ النَّعامِ خَفَيدَدُ

إِلى أَن أَناخوها إِلى جَنبِ حُجرَةٍ

لَهيبَتِهِ مِنها الفَرائِصُ تُرعَدُ

إِلَيكَ رَسولَ اللَهِ مِنّي أَلوكَةً

حَنانَيكَ قَد يَحنو عَلى العَبدِ سَيِّدُ

أُوَمِّلُ مِن خَيرِ الأَنامِ شَفاعَةً

بِها في نَعيمٍ بِالجنانِ أُخَلَّدُ

فَأَنتَ رَسولُ اللَهِ وَهيَ شهادَةٌ

أُقِرُّ بِها حَتّى المعادَ وَأَشهَدُ

وَدِدتُ بِأَنّي زُرتُ قَبرَكَ راجِلاً

وَقَبَّلتُ تُرباً أَنتَ فيها مُوَسَّدُ

وَمَرَّغتُ خَدّي عِندَ قَبرِكَ ضارِعاً

بِأَرضٍ حَصاها لُؤلُؤٌ وَزَبَرجَدُ

وَذاكَ ضَريحٌ يَحسُدُ المِسكُ تُربَهُ

وَكُلُّ شَريفِ القَدرِ لا شَكَّ يُحسَدُ

بِهِ حَلَّ كُلُّ الجُودِ وَالمَجدِ وَالنَدى

وَفَضلٌ وَمَعروفٌ وَعِزٌّ وَسُؤدَدُ

إِذا حُدِيَت عَنسٌ بِذِكرِك أَسرَعَت

كَأَن لَم يَمَسَّ الأَرضَ رَجُلٌ وَلا يَدُ

وَخَلَّت سُهَيلاً طالِعاً مِن وَرائِها

وَقابَلَها نَسرٌ وَجَديٌ وَفَرقَدُ

وَصاحَ بِها الحادونَ فَاِندَفَعَت بِهِم

تُؤَوِّبُ في الأَرضِ القِواءِ وَتُسئِدُ

وَقَد مَدَّتِ الأَعناقَ تَطوي مَهامِهاً

تَغورُ بِها تَحتَ الرِحالِ وَتُنجِدُ

شَواحِبُ أَلوانٍ بَراها لُغوبُها

بِفَيفاءَ فيها الأَبيَضُ اللَّونِ أَسوَدُ

وَإِنّي لَذو شَوقٍ إِلَيكَ مُضاعَف

بَواعِثُهُ لا تَأتَلي تَتَجَدَّدُ

إِلى الحُجرَةِ البَيضاءِ وَالجَدَثِ الَّذي

بِهِ الخَيرُ في الدّارَينِ يُرجى وَيُقصَدُ

أَلا أَيُّها الزُوّارُ بِاللَهِ بَلِّغوا

سَلامي إِلَيهِ وَاِرفُقوا وَتَأَيَّدوا

وَقولوا لَهُ فِتيان يَشكو صَبابَةً

إِلَيكَ وَوَجداً حَرُّهُ لَيسَ يَبرُدُ

يُرَجّى غداً تَبريدَ غُلَّتِهِ إِذا

شَفَعتَ لَهُ في الحَشرِ وَالحَوضُ مورِدُ