بقلبي حوري الجنان المنعم

بِقَلبِيَ حورِيُّ الجِنانِ المُنَعَّمُ

ثَوى كَيفَ يَثوي فيهِ وَهوَ جَهَنَّمُ

وَذاكَ السَّقيمُ الطَّرف مِن غَيرِ عِلَّةٍ

وَكَم مِن صَحيحٍ فيهِ بِالوَجدِ يَسقَمُ

أَلا إِنَّ أَسبابَ الغَرامِ كَثيرَةٌ

خَفينَ وَلَو يَظهَرنَ ما لامَ لُؤَّمُ

دُموعُ شُئونِ الصَبِّ بيضٌ تَصَعَّدَت

وَكَيفَ تَرى بيضاً وَعُنصُرُها دَمُ

وَلَم يُؤتَ سُؤلَ النَفسِ إِلا مُدَنَّرٌ

يَجودُ بِما يَقضي الهَوى أَو مُدَرهَمُ

وَمَن كانَ مِثلي مُفلِساً لَم يَصِل إِلى

مُنى نَفسِهِ وَهوَ الفَقيرُ المُتَيَّمُ

وَبي رَشَأٌ حُلوُ الدَلالِ يَميسُ في

كَثيبِ النَقا مِنهُ قَضيبٌ مُقَوَّمُ

بِجَفنَيهِ هاروتٌ وَماروتُ بابِلٍ

لِسِحرِهِما مِنهُ الوَرى يَتَعَلَّمُ

إِذا نَفثا لَم تنفَعِ الصَبَّ رُقَيَّةٌ

وَلَم يُغنِ عَن كَلمَيهِما القَلبَ مَرهَمُ

فَكُلُّ اِمرِئٍ في الناسِ إِذ ذاكَ قائِلٌ

أَيا رَبِّ سَلِّم أَنتَ أَنتَ المُسَلِّمُ

مَتى ما رَنا غارَت جَآذِرُ جاسِمٍ

وَوَلَّت كَأَن فيها مِنَ التُركِ أَسهُمُ

بَنو التُركِ لَو مَرَّت بِأَبناءِ عُذرَةٍ

لَما كانَ فيها بِالكَواعِبِ مُغرَمُ

وَلا نَسَبوا إِلّا بِكُلِّ مُذكَّرٍ

بِهِ يُمدَحُ الطِرفُ العَتيقُ المُطَهَّمُ

هُوَ الشَمسُ وَالسَّرجُ الهِلالُ وَطَرفُهُ

لَهُ فَلَكٌ في حِليَةٍ هِيَ أَلجُمُ

وَلا ذَكَروا لَيلى وَلا أُمَّ جُندُبٍ

وَلا تَيَّمَتهُم أُمُّ عَمرٍو وَكَلثَمُ

وَكَم فيهِم مِن شادِنٍ ثَمِلِ الخُطا

مُعَربِدَةٌ أَلحاظُهُ يَتَحَكَّمُ

يُخالُ إِذا ما اِختالَ شارِبَ قَهوَةٍ

جَلا نورَها كَأسُ الرَحيقِ المُفَدَّمُ

رَبيبُ مُلوكٍ يَصرَعُ الأُسدَ رانِياً

إِذا كَرَّ مِنهُ مُسفِرٌ أَو مُلَثَّمُ

وَيَبلُغُ ما يَهواهُ في كُلِّ مَأزِقٍ

وَلا هُزَّ عَسّالٌ وَلا سُلَّ مِخذَمُ

وَلا أُفرِغَت دِرعٌ عَلَيهِ كَأَن بِها

عُيونُ الأَفاعي وَالدَّبى يَتَوَسَّمُ

وَلَكِنَّهُ يَرنو بِأَيسَر لَحظَةٍ

فَيَعنو لَهُ الجَيشُ اللُّهامُ العَرَمرَمُ

وَلَم يَكُ مُحتاجاً إِلى لبسِ خوذَةٍ

إِذا بَرَقَت في اللَيلِ لَم يَبقَ مُظلِمُ

وَيَملِكُ ألبابَ الكُماةِ بِحُسنِهِ

وَيَملِكُهُ المَلكُ الهُمامُ المُعَظَّمُ

إِذا صالَ لَم يُرهَب عَلى الأَرضِ كافِرٌ

وَلَم يَخشَ مِن بَأسِ المُعادينَ مُسلِمُ

هُوَ اللَيثُ لَولا البَرقُ وَالرَّعدُ دونَهُ

هُوَ البَحرُ جوداً وَالمُعَظَّمُ أَعظَمُ

هُوَ اللَيثُ بَأساً لَكِنِ اللَيثُ عابِثٌ

قَطوبٌ وَعيسى لَم يَزَل يَتَبَسَّمُ

مَليكِيَ بِالشِعرى وَقَد حيلَ دونَهُ

وَما لِيَ دينارٌ وَلا لِيَ دِرهَمُ

وَأَنتَ الَّذي قَد طَبَّقَ الأَرضَ جودُهُ

فَلَيسَ بِها غَيري مِنَ الناسِ مُعدِمُ

فَأَطلِق يَدي فيما تَمَلَّكتُ آنِفاً

وَأَنعِم بِإِحلالي فَإِنّي مُحَرَّمُ

وَجُد لي بِتَوقيعٍ شَريفٍ سَوادُهُ

هُوَ الحَجَرُ المُسوَدُّ في الرُكنِ يُلثَمُ

وَدُم أَبداً وَاِفنِ العِدا وَاِبلُغِ المُنى

وَلا زِلتَ تُعطي مَن تَشاءُ وَتَحرِمُ